د./ صفوت روبيل بسطا
في المقال السابق (الأنبا لوكاس .. يونان أبنوب الجديد ) تحدثنا عن جانب واحد من خدمة سيدنا المحبوب جدا الأنبا لوكاس عن التعمير والإصلاح والتطوير الذي حدث في كل كنائس الأيبارشية وفي كل القري المحيطة في نبذة مختصرة جدا لأن ماقام به الأنبا لوكاس في أبنوب يحتاج كتب ومجلدات من غير اي مبالغة .
وفي هذه العجالة نتحدث بإختصار عن علاقة سيدنا الأنبا لوكاس مع شعبه سواء في أبنوب والفتح أو في أي مكان
أكاد أجزم وأؤكد أن ما كان يقوم به الأنبا لوكاس مع شعبه في أبنوب لم ولن يتكرر في أي إيبارشية أخري ، يكفي أن أقول أن سيدنا الأنبا لوكاس.. (كان متاح لأي أحد من الشعب علي مدار اليوم كله)
سواء عن طريق الذهاب إلي المطرانية لمقابلته شخصيا أو عن طريق التليفون أو في أي مكان يتواجد فيه سيدنا .
علي مدار ٣٥ سنة وباب المطرانية كان مفتوح يوميا أمام كل الشعب ، كان سيدنا دائما بعد أي قداس او خدمة او جولة تفقدية كان يرجع المطرانية ويستعد لإستقبال الشعب حتي وقت متأخر من المساء .
كنا ندخل المطرانية ونجد الأخ / عماد الراجل والخادم البركة والذي كان متواجد دائما في المطرانية ، وفي وقت غياب أو سفر سيدنا في الغالب ستجد أحد الأباء الكهنة لأخذ بركتهم .
إسمحوا لي أصف لكم كيف كانت تكون مقابلة سيدنا الأنبا لوكاس في المطرانية:....
في كل مرة نزور فيها مصر ونزور فيها بلدي أبنوب ، كان من أهم شيئ بعد الاطمئنان علي أهلي في أبنوب هو الأتصال بالمطرانية والتأكد أن سيدنا موجود ، فأقوم الأتصال بسيدنا نفسه للسلام عليه وأخبره أننا في مصر ، الذي يرحب بنا ويقول : حمدالله علي سلامتكم وأمتي نشوفكم ؟ فأقول لنيافته : مادام نيافتك موجود يبقي لما نلاقي وقت مناسب سوف نأتي لأخذ بركة نيافتك فيقول : أهلا بيكم في أي وقت ، ربنا معاكم .
ويوم ما نذهب إلي المطرانية لمقابلة سيدنا ،،،،،
ننتظر قليلا في الصالون ثم يأتي الأخ / عماد ويقول إتفضل يا دكتور ، نخبط علي الباب فنسمع صوت سيدنا المميز من الداخل : أدخل .. ندخل ونجد أجمل إستقبال بأجمل إبتسامة ووجهه البشوش ، وبعد السلامات والسؤال عننا وعن أحوالنا ، بعد قليل نجد خبط علي الباب ، سيدنا يقول أدخل .. نجد أحد الخدام وسيدنا يقول لنا : تشربوا إيه ؟ ويصر أن كلنا نطلب مشروب ، ثم يدخل الخادم بالمشاريب ويقدمها لسيدنا ليباركها ويرسم عليها علامة الصليب قبل أن تقدم لنا ...
ثم خبط علي الباب مرة أخري ، يقول سيدنا : أدخل ... ويدخل خادم بالكاميرا ويصورنا مع سيدنا كذا صورة لينزلها علي موقع المطرانية. هذا بالطبع غير الصور التي نأخذها نحن مع سيدنا في كل مرة .
وبعد قليل يقدم لنا سيدنا علبة الشيكولاته .. ثم يقدم لنا بركة لكل أحد سواء ميدالية او صليب أو أي تذكار من نيافته ، وأحيانا يقدم لنا كتب كما قدم لي كتاب عن البابا شنودة وقدم لي كتاب عن اليوبيل الفضي لتجليس نيافته وكتاب أخر عن عيد تجليس نيافته الثلاثون ....
كان يتناقش معنا في كل الأمور ويستمع لنا في كل شيئ نعرضه عليه أو نستشيره فيه في إسلوب راقي وحنان أبوي كبير ....وقد تستمر الجلسة لوقت طويل من غير أي إحساس أننا طولنا حتي ما نتضطر نستأذن خوفا علي وقت سيدنا .
هذا بكل تأكيد كان يحدث مع كل الشعب وبدون إستثناء والدليل أننا كنا نشاهد يوميا لقاءات سيدنا مع شعبه علي موقع المطرانية بل ونشاهد صور عمل خطوبات وتلبيس دبل وكل المناسبات نشاهدها مع سيدنا من داخل المطرانية .
هذا غير لقاءات سيدنا اليومية مع الأباء الكهنة والخدام كل في مجاله ولقاءات نيافته مع المسئولين .
هذا لم يكن يحدث فقط في داخل المطرانية في أبنوب ، بل كان يمتد إلي كل مقر لسيدنا في كل كنيسة يتواجد فيها ، وأتذكر كمثال لما كنا نذهب لكنيسة السيدة العذراء بأبنوب في شهر أغسطس أثناء نهضة أم النور ، والتي كان يتواجد بها سيدنا يوميا وكانت تبثها قناة سي تي في الفضائية ، إستقبلنا أيضا سيدنا هناك في مقر نيافته بالكنيسة وقدم لنا واجب الضيافة تماما كما حدث في المطرانية بالضبط .
وأيضا كان يستقبلنا ويستقبل كل الشعب عندما كنا نزور دير مارمينا العجايبي(المعلق) بأبنوب في المقر الخاص لنيافته بالدير والذي كان مساحته كبيرة وطرقة طويلة أمام سيدنا مليئة بالكراسي تسع للكثيرين من زوار الدير ، وأيضا في الدير كان يقدم لنا أيضا واجب الضيافة بالكامل من مشروبات وشيكولاتة وبركة وقربان وغيره .
سيدنا الأنبا لوكاس كان لا يميز أحد عن أحد بين شعبه وأبناءه وبناته وكان يراعي جدا هذه النقطة بالذات وهذا لاحظته من كذا موقف مع سيدنا ، وإن كنت متأكد أننا سنجد ناس تدعي أنه كان يميز للأسف !؟
أو انه يميز البنات عن الأولاد !؟
فأنا كنت سمعت هذا الأتهام من البعض !؟
ولأنني تعودت الصراحة والمواجهة من خبرتي في الكتابة لذلك في أحدي الزيارات للمطرانية سألت نيافته بصراحة عن هذا الكلام ، فلم يغضب بل تقبل سؤالي وصراحتي بشيئ من الأهمية وشرح لي لماذا يهتم بالبنات أكثر ، وذكر بكل بساطة أنه يخاف علي بناته من الجو المحيط بهم سواء في البلد أو الشارع وما يحدث من خطف البنات أو اللعب علي مشاعرهم وترك المسيح أو إهمال بعض الأهالي لبناتهم ، فكان يحاول تقريبهن إليه وإلي المسيح ، وقال كلمته التي أعجبتني جدا في هذا الصدد قال :.. أنا أقرب البنات إليا لأعرف أقربهن من المسيح .
لهذا أغلب شعب أبنوب عنده إحساس أن له علاقة خاصة جدا بسيدنا الأنبا لوكاس وخاصة البنات بالذات .
وعدم التمييز عند سيدنا الأنبا لوكاس شاهد عليه في مواقف كثيرة جدا ، أذكر منها مثال واحد :
لما تباركنا بزيارة الأنبا لوكاس والأنبا أبرأم أسقف الفيوم الحالي إلي كنيستنا باليونان ، ميلت علي نيافته وطلبت منه أن يزورنا في البيت خاصة كان يومها موافق عيد ميلاد إبني الصغير ، فقال لي : معلش يا أخ صفوت مش هاقدر أجي البيت عندك ، لأنه لو جيت عندك البيت يبقي لازم أروح لكل بيت من أبنوب هنا وأنتوا بإسم الصليب كتار جدا هنا والوقت ضيق ، وأكمل .. تعالوا نتغدي كلنا مع بعض أفضل علشان لا أحد يقول إشمعنا فلان وبالفعل ذهبنا مع نيافته وكان يوم جميل جدا .
وفي المساء أخذنا تورتة وذهبنا للفندق اللي كان نازل فيه نيافته وولع شمعة عيد ميلاد إبني وقدمنا له علبة شيكولاتة ليوزعها علي الحاضرين كما كان يفعل في أبنوب بالضبط .
هكذا كان الأنبا لوكاس .. علي مدار ٣٥ سنة كان متاح في أي وقت لإستقبال شعبه في أي مكان وكان تليفونه متاح طوال الوقت إلا نادرا جدا جدا ،
دا حتي مرة كنا في القاهرة وكنا لسة واصلين من اليونان فأنا إتصلت بنيافته لأسلم عليه وفوجئت بأنه في القاهرة وقال لي حمدالله علي السلامة عاوز أشوفكم هنا في مقر المطرانية بالقاهرة وأنا منتظركم ..
هو فيه كده يارب !؟ هل سنجد أب متاح هكذا في كل مكان تاني !؟ بجد خسارتنا كبيرة جدا في سيدنا المحبوب جدا الأنبا لوكاس.
أنا مش قادر أتخيل كيف ستكون زيارتنا القادمة إلي مصر وألي أبنوب من غير ما يكون فيها لأ أبي ولا أمي ولا سيدنا الأنبا لوكاس!!؟