بقلم جورج حبيب ( سيدني-استراليا )
( 2- خدمة بولس الرسول )
كنت عزيزي القارئ قد حدثتك مسبقا عن رقة المشاعر في خدمة رب المجد -واليوم حسبما وعدتك سابقا اكمل حديثي عن رقة المشاعر في خدمة القديس بولس الرسول-ولعلي بهذا اكون قد وضعت امام اعيننا امثلة حية لكيفية التعامل في الخدمة -وايضا في مجالات الحياة بصفة عامة-ولعل ذلك يكون لنا مثالا في كيفية التعامل وكسب الاخرين
كان القديس بولس الرسول انسانا مثقفا وعلي دراية كبيرة باللغات -وقد تربي عند ارجل غمالائيل ذلك المعلم الفليسوف في عصره-كذلك كان حاملا للجنسية الرومانية-ومتقدما عم جميع اترابه في شتي المجالات-وهذا من الناحية العلمية-وايضا من الناحية الدينية فهو عبراني وظهر له السيد المسيح اكثر من مرة-وكتب ذلك-كما شهد بذلك ايضا سفر اعمال الرسل-كذلك كتب اربعة عشرة رسالة من العهد الجديد-اي حوالي ثلثيه
الامر الذي يضعه في مكانة علمية وروحية مرموقة-ولكنه في خدمته لم يتعامل مع اعوانه وتلاميذه من مكان عال حيث هم الاقل-فيعطي الاوامر وينهي-او يصب الويلات لمن يعصي امره-ولكننا امام نمزجا مهذبا وحنونا يمتلئ رقة في التعامل مع كل من تعامل معه-ولعلي ابرهن عن ذلك في بعض مقتطفات من تصرفاته في الاتي :
1-في سفر الاعمال يوجه كلامه الي الافسسين نجده يقول ( لذلك اسهروا متذكرين اني ثلاث سنين ليلا ونهارا لم افتر عن ان انذر بدموع كل واحد اع 20 : 31 )
وهكذااضع امامك عزيزي (انذر بدموع ) كيف رقة مشاعره وحبه لهم تجعله يبكي لاجل خلاصهم-ولتلاحظ انه لم يامر -مع انه من الممكن ان يفعل ذلك بسلطانه الكهنوتي
2-في رسالة فيلبي ( لان كثيرين يسيرون مما كنت اذكرهم لكم مرارا والان اذكرهم ايضا باكيا وهم اعداء صليب المسيح في 3 :18 )
وهنا يضا من انحرفوا نجده حزينا عليهم ويتاثر بذلك فيبكي-هذا الذي وقف امام ملوك واباطره يبكي لاجلهم-ولم يذكر اية الفاظ قاسيه عنهم-ولم يعدد ما فعله من اجلهم ولا ما اقترفه من اتعاب
3-ابيفرودتس:
تلميذ له وكان قد مرض-نجده يقول (فانه مرض قريبا من الموت لكن الله رحمه وليس اياه وحده بل اياي ايضا لئلا يكون ليحزن علي حزن في 2 : 27 )
ولعلك تلاحظ كلمة اياي ايضا -وحتي لا ازداد حزنا علي حزن-وكيف انه حزينا متالما لاجل مرض تلميذه-وكيف كان دائم الصلوات لاجله
4- انسيمس العبد
نجده يوجه كلامه لتليذه فيلمون ( اطلب اليك لاجل ابني انسيمس الذي ولدته في قيودي -ولكن بدون رايك لم ارد ان افعل شيئا لكي يكون خير له كانه علي سبيل الاضطرار بل علي سبليل الاختيار فيلمون 1 : 14 )
وهنا اضع امامك رقته في قوله ولكن بدون رايك لم ارد ان افعل شيئا -لكي لا يكون علي سبيل الاضطرار-وهو البطريرك لا يريد ان يفعل شيئا بدون
اخذ رايه وموافقته وهو تلميذه-تري كيف نتعامل معا-كيف نعطي اوامر -كيف نغصب الاخرين علي طاعتنا وخاصة من هم اقل منا
5-في حديثه عن تيطس :
الابن الصريح اي ابني الحبيب حسب الايمان المشترك تي 1: 4 )
ولنلاحظ تعبيره الابن الحبيب -ووصفه بانه الابن الحبيب-ولعل في معاملاتنا نذكر الاخرين بصفات حسنه مادحين اياهم-كما فعل هذا القديس العظيم
6- والي اهل غلاطيه ( يا اولادي الذين اتمخض بهم ايضا الي ان يتصور المسيح فيكم غلا 4 : 9 )
وهو هنا يتحمل الاما كالالام الولاده لاجلهم -وهل نتحمل الاما لاجل خلاص الاخرين -وسعادتهم -وكم مقدار الالم الذي نستطيع تحمله-ام اننا نجري من اية حدمة بها قدرا من الالم حتي لو كان صغيرا
7-في عطايا اهل فيلبي-نجده فرح كثيرا لانهم اعتنوا به وارسلوا له عطايا-ويعبر عن ذلك ( ثم اني فرحت بالرب جدا لانكم الان قد اظهر ايضا مرة اعتناؤكم بي الذي كنمتم ولكن لم تكن لكم فرصة في 4 :10 )
هنا نجد فرحته بما اعطوه له-لا جل العطايا ولكن لانهم فكروا فيه وكان هو مقدرا عندهم -كفرح الاب بابنه الذي وان احضر اليه شيئا قليلا هو في نظره كثير وكثيرا-وكم نحن محتاجين ان نشعر الاخرين باهميتهم لنا وانهم في فكرنا ولو من خلال قليل نقدمه-كمكالمة تليفون او هديه صغيرة في مناسبة-يا لعمق الاثر هنا
8-في حديثه عن تيموثاوس:
تيموثاوس الذي هو نظير لي لذلك ارسلت اليكم تيموثاوس الذي هو ابني الحبيب 1 كو 4 : 17 )
لاحظ قوله هو نظير لي -وانه يساوي تلميذه بنفسه فهو نظيره-تري هل نساوي الاخرين بانفسنا وان كانوا تلاميذا-ام دائما نظهر تفوقا عليهم-لنظهر نحن ويختفوا هم
ويعوزني الوقت يا احبائي عن رقة المشاعر والحب من خلال خدمة هذا العملاق العظيم-بولس الرسول-ولعلنا نتعلم الرقة في اللفظ والتعبير والتعامل
اشكركم والي لقاء في مقال اخر