حمدي رزق
احتراز وجوبى، لا عاقل مع الحرب، ولا عادل من يبرر الغزو، وأخلاقيا وحضاريا فعلت مصر بالتصويت أمميا ضد الحرب، تعبير عن ميراث حضارى ضارب فى أعماق التاريخ، مصر بلد السلام.. قالوا سلاما.

وبعد، ظنى أن حزمة العقوبات الأمريكية تتبعها حزمة العقوبات الأوروبية مدعومة دوليا تستهدف تسخين جبل الجليد الروسى، تثوير شعب قُدَّ من صخر جليدى، وبطريقة تسخين القدور، إحداث تململ معيشى، بفعل الضائقة الاقتصادية، مع عوامل إشعال ذاتية كامنة فى الأرض الروسية.

صخب المعارضين الروس ضد الحرب، يتبعهم القانطون خشية تبعات عزل روسيا عن العالم، تزيد وتيرة الرفض السياسى، بالتسخين المستدام سياسيا وإعلاميا، تغلى القدور، تشتعل الأرض تحت أقدام الدب الروسى «بوتين»، تفج ثورة عاتية من قلب الجليد تطيح بالقيادة الروسية عن عرشها.

ما يذاع عن اعتقالات بين صفوف المعارضين السياسيين، والعاديين، فى العاصمة موسكو والمدن الكبرى، فى إطار تسريع عملية التسخين، وكذا المظاهرات فى عواصم الحلف الأمريكى قبالة سفارات موسكو حول العالم.

التسخين على حواف جبل الجليد، تسيل الثلوج، تغرق الأرض تحت أقدام بوتين، بغية إنبات بذور الرفض المطمورة تحت جبل الجليد، فتشق الأرض، معلنة عن نفسها رفضا لحرب تكلف «الروبل» (العملة الروسية) ما لا يحتمل الشعب الروسى.

قدرة جبل الجليد على احتواء سخونة الرفض الدولى، مرهونة بسرعة الدب الروسى فى إنجاز حربه، وصيد خصمه، والعودة إلى موسكو يحمل أعلام النصر الحمراء، يذكرهم بأمجاد الإمبراطورية الروسية التليدة.

ما يبطئ عملية تسخين جبل الجليد، أن بوتين (ليس شخصا بل فكرة) تستولى على عقول أجيال روسية ذاقت مرارة الإهانة الغربية، غصة مستدامة فى حلوق الروس من هيمنة أمريكية، ونعرة تعال أوروبية، إحساس عارم بضرورة رد الاعتبار.

يحن الروس أجيالا وراء أجيال إلى زمن الثنائية القطبية، يوم كان الاتحاد السوفيتى قطبا يحسب حسابه فى المعادلات الكونية، ويرهب الغرب، ويفوز بالغنيمة من بين أنياب الضوارى.

بوتين الطامح لإعادة أمجاد جنرالات الاتحاد السوفيتى القديم، بوتين كما أسلفنا، فكرة سوفيتية صادفت فرصة سنحت، فاستثمرها بوتين لاعب الجودو المخضرم فى صرع خصمه، بتثبيته أرضًا حاصدا نقطة كاملة «إيبون»، يجاهد الرئيس الأوكرانى «فولوديمير أوليكساندروفيتش زيلينسكى» لإحراز نصف نقطة تحفظ وجوده، يحارب من أجل البقاء بعد إفصاح بوتين عن رغبة عارمة لعزله.

موسكو تستعرض قوتها على الأراضى الأوكرانية وتلقى بقفازاتها متحدية فى وجه واشنطن وعواصم أوروبا، واللى يقرب يجرب.

معلوم أوكرانيا (الفناء الخلفى لموسكو)، وتأمين حدود الإمبراطورية الصاعدة يحتاج إلى حكومة موالية منزوعة السلاح فى كييف، وهذا ما ستشهده الأيام القليلة المقبلة، إلا إذا!!.

الفكرة «بوتين»، حنين لزمن القطبية، والأحلاف، وجوزيف ستالين، ونيكيتا خروتشوف... و... و... و، الفكرة تلقى رواجا روسيًا، ما يبطئ أو يئد المخطط الأمريكى فى إطاحة بوتين نفسه، إلا إذا سخنت الأرض الروسية الجليدية (إذ فجأة) تحت أقدام رجل المخابرات الروسية (الكيه جى بى) «فلاديمير بوتين»، بفعل عوامل ذاتية سريعة الاشتعال.
نقلا عن المصري اليوم