وضعت الحرب في أوكرانيا السلاح النووي على الطاولة بأكثر مما فعلت بقية الحروب في العقود الأخيرة، وجعلت من مسألة استخدامه أمرا واردا أكثر من أي وقت مضى.

 
وبدأ الأمر عندما أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، خلال الأيام الأولى من الحرب، بوضع قوات الردع الاستراتيجي في حالة تأهب، وتشمل هذه الأسلحة صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
 
وبعد ذلك، صرح وزير الخارجية الروسي،سيرغي لافروف، بأن الحرب العالمية الثالثة، في حال وقوعها ستكون نووية ومدمرة.
 
ويثير هذا الخطاب حالة من الخوف في العالم، خاصة في ظل ارتفاع منسوب التوتر إلى درجات غير مسبوقة بين روسيا من جهة ودول حلف الناتو من جهة أخرى.
 
وحبس العالم أنفاسه ليل الخميس الجمعة، عندما اندلع حريق في أحد مباني محطة زابوريجيا النووية، إثر قصف روسي، وتبدد القلق قليلا بعدما تبين أن القصف طال مبنى التدريب.
 
ومما يثير الخوف من احتمال استخدام السلاح النووي أو قصف منشآت نووية، حتى وإن كانت سلمية، الآثار الهائلة المترتبة على ذلك، ومن أخطارها الشتاء النووي.
 
والشتاء النووي حالة تتلو انفجارا نوويا يؤدي في أشد حالته إلى غير هائل في طقس الأرض بعد حرب نووية شاملة تشبع الغلاف الجوي بالغبار الناجم عن انفجار القنابل النووية.
 
ويمنع هذا الغبار أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض، فتنخفض درجات الحرارة لدرجة اتساع المناطق القطبية إلى مناطق خط الاستواء.
 
ويتكون الشتاء النووي عبر المراحل التالية: المناطق التي تتعرض للقصف بالصواريخ النووية ستحترق بشدة، بما يؤدي إلى خلق نظام رياح جديد، ويفضي هذا بدوره إلى عاصفة من اللهب تنتج حرارة هائلة.
 
ومن هذه العاصفة النارية، ترتفع أعمدة كبيرة من الدخان التي تسافر في اتجاهات الغلاف الجوي، حتى تحجب الشمس عن الأرض.
 
المجاعة العالمية
لكن في حالة أقل شدة من الشتاء النووي سيموت البشر جوعا. وبحسب العلماء، فإن المجاعة العالمية تتلو مرحلة الشتاء النووي وتعتبر أسوأ تداعيات الحرب النووية.
 
وذكرت دراسة أعدها باحثون في جامعة نيوجيرسي عام 2011 أنه من شأن أي حرب نووية شاملة أن تتسبب في فصول صيف متجمدة وانتشار المجاعة في جميع أنحاء العالم.
 
وقال الدراسة إنه في حالة نشوب حرب نووية شاملة بين روسيا وأميركا، فإن آثار الكارثة ستطال شتى أرجاء الكرة الأرضية.
 
ولن تتسبب الانفجارات والحرائق والاشعاعات في قتل الملايين من البشر فقط، إذ سيستمر الشتاء النووي إلى أشهر أو سنوات،مما يؤدي إلى تغير مناخ الأرض.
 
وفي 2019، خلصت دراسة أعدها باحثون في جامعة روتجرز الأميركية أنه في حال اندلاع حرب نووية بين أميركا وروسيا، فإن حرارة النصف الشمالي من الكرة الأرضية ستكون أقل من التجمد في فصل الصيف.
 
ويتقلص موسم النمو (فترة نمو النبات والمحاصيل الزراعية) في بعض المناطق بنسبة 90 في المئة.
 
وترسم الدراسة مزيدا من السيناريوهات المرعبة، فخطر الموت من المجاعة سيلاحق سكان الأرض الذين يبلغ عددهم 7.7 لميار نسمة.
 
حالة قد تستمر لسنوات
واستخدم الباحثون في الدراسة نموذجا لمحاكاة التأثيرات المناخية لحرب نووية شاملة بين أميركا وروسيا إذ يمكن لمثل هذه الحرب أن ترسل 150 مليون طن من الدخان الأسود من حرائق المدن والمناطق الصناعية إلى الغلاف الجوي.
 
ويمكن أن تستمر تلك السحابة من أشهر إلى سنواتب تحجب خلالها أشعة الشمس، ويمكن أن تدمر طبقة الأوزون مع تسخين الغلاف الجوي.
 
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة، جوشوا كوبيه إن هذه الدراسة تؤكد التداعيات الهائلة للحرب النووية على المناخ.
 
وأضاف: "سيكون هناك بالفعل شتاء نووي مع عواقب كارثية".