كمال زاخر
كلاهما عملات مصرية منقرضة، اما النكلة فتساوى مليمان ونصف، والنصف فرنك فيساوى عشرون مليماً. أو قرشان، والمليم والقرش ايضاً عملات منقرضة، لكن فى زمانهم كانت لهم قيمة وشنة ورنة.
اعتادت كنيسة قريتنا الصغيرة على استقدام وعاظ فى موسم الصوم الكبير، من القاهرة أو الاسكندرية أو من مدينة اسيوط عاصمة محافظتنا، وكان وعاظ ذاك الزمان ـ ثلاثينيات واربعينيات وخمسينيات القرن الماضى ـ قليلون ويجولون بين الكنائس بطول البلاد وعرضها.
جرت العادة على أن تستضيف الكنيسة الواعظ لمدة اسبوع يلقى عظات القداسات والعشيات، ولو فيه اجتماعات أو سهراية يتجمع فيها اهل القرية يكون فى وسطها، يتسامر معهم ويرد على اسئلتهم ويحدثهم عن القداس والانجيل وحكايات القديسين وما الى ذلك.
فى نهاية الإسبوع تكلف الكنيسة أحد اراخنتها ومعه شماس صغير "باللف" على بيوت اقباط القرية يجمع منهم "عطا للواعظ"، ما يعرفه أهل المدينة بالتبرع، كل حسب مقدرته، يسلم ما جمعه لناظر الكنيسة الذى يعطيه بدوره للواعظ.
طرق نجيب الصايغ المكلف بهذه المهمة باب أحد وجهاء القرية، الذى اعطاه "نكلة"، فالتفت نجيب للشماس قائلاً (اكتب يا ابنى عم فلان الفلانى واكتب امام اسمه المبلغ "نكلة")، استوقفه الرجل وسأله انت بتكتب دا ليه؟. اجابه "دا كشف بنسجل فيه ما نجمعه" ليطابقه ناظر الكنيسة ومعاه شيخ البلد والصراف، على ما يتسلمه من نقود.
فبادره الرجل، يعنى كل دول هيعرفوا مين دفع كام؟ ... لو كده هات "النكلة"، وأخرج من كيسه نص فرنك بدلاً منها، اخذ نجيب النص فرنك وبعد أن اطمئن أنه وضع فى كيس العطا، وبعد ان سجله فى الكشف، وقبل ان يستدير خارجاً، قال للرجل، عاوز اقولك على حاجة يا مقدس، ربنا هيحسب لك النكلة أما بقية النص فرنك فحسابه عند الناظر ومن معه، سلام تقعد بالعافية.
(من حكايات ابونا يوحنا عبد المسيح ابادير ـ نجيب الصايغ سابقاً ـ كنيسة مار جرجس بالقللى)