خالد منتصر
أثارت صورة الفنانة إلهام شاهين فى مسلسلها الرمضانى القادم بملابس تنظيم داعش ثائرة الأصوليين المتأسلمين المتطرفين، قامت قيامة اللجان الإلكترونية، وانهالت قذائف الشتائم والسفالات على الفنانة، لأنها ارتدت تلك الملابس التى يرونها فى أرض الواقع يومياً، سواء فى سوريا أو العراق ولا يرمش لهم جفن، لا تثير تلك الملابس أى غضاضة لدى هؤلاء عندما يشاهدونها على أجساد من يذبح أو يفجر نفسه أو يفخّخ كميناً أو يسبى إيزيدية أو يحرق طياراً فى قفص مثلما فعلوا مع «الكساسبة»، أو يرمى شاباً من فوق جبل.. إلخ، لكنهم فقط ثاروا واستفزوا وغضبوا عند رؤيتهم صورة إلهام شاهين فى مسلسل رمضانى!

يخافون الصورة ويخفون ويحتفون بالأصل! وهذه هى مشكلة المزاج الأصولى الحقيقية والخطيرة، سياسة محاولة حجب شمس الحقيقة بتغميض العينين، وكنس التراب تحت السجادة، والتغافل عن السرطان باعتباره عرضاً جانبياً تافهاً، يتغاضون عن النصوص التراثية المحرّضة على القتل والذبح وكراهية الآخر، لأنهم لا يريدون أى مساس بتراثهم وكتبهم الصفراء، ومن يقترب منها بالنقد يكيلون له السباب ويُهدّدونه بالقتل والتكفير.

تزيد أرتيكاريا الأصوليين عندما يتحول النقد إلى فن، فهم كارهون للفن لأنهم يعرفون جيداً أن الفن ينافسهم على مساحة الوجدان، وهم يدركون جيداً سحر الفن، وأنهم محرومون من الحس الفنى، لأن لديهم جفافاً فى الأحاسيس، وتخشّباً فى الوجدان، وتصحراً فى الخيال، لذلك هم مرعوبون من التناول الفنى الذى سيعريهم ويفضحهم، وهم كارهون أكثر للفنان المثقف الذى يمتلك موقفاً، وكارهون أكثر وأكثر للفنانة وعدوانيون أكثر تجاه تاء التأنيث، التى يمثل موقفها إهانة لذكورتهم المزعومة، وإلهام شاهين بالذات لهم ثأر معها منذ أن أغلقت قناتهم المتطرفة، قناة «الحافظ»، والتى كانت تستضيف الداعية الشتام الذى كان لا يقدم موعظة على الشاشة، بل يمارس بلطجة يومية فى الاستوديو وتطاولاً فجّاً يمس السمعة ويعتدى على الخصوصية ويخاصم الإنسانية، أقامت الفنانة إلهام شاهين دعوى، وتم إغلاق القناة وسجن الداعية، وكان هذا أول وآخر موقف لفنانة جريئة واجهتهم بمنتهى الشجاعة وفى عز سطوتهم وبالقانون لا بالبلطجة.

لم يغفروا تلك المواجهة لإلهام، واليوم يشنون تلك الحملة الممنهجة عليها وعلى الصورة، يحاولون إيهام الناس وخداعهم بأن تلك الصورة هى هجوم على الإسلام، موقف مزدوج وغامض وغير مفهوم، فأنت تُردّد كأصولى ملتزم بأن «داعش» لا تمثل الإسلام، فلماذا تغضب عندما يهاجم فنان أو تهاجم فنانة «داعش»؟! هل أنت معها أو ضدها؟ أم أنك فى السر داعشى وفى العلن كيوت!! الفن يا سادة من أخطر الأسلحة فى مواجهة الإرهاب، سهم فى سويداء وقلب الفكرة المتطرفة، بالصورة والإيقاع والكلمة والأداء، تستطيع فضح الفكرة المتطرّفة وتفكيكها والقضاء عليها من الجذور، إلهام شاهين لا تهتز من هذا الهجوم، فلو كانت غير مؤثرة ما كان هذا الهجوم.
نقلا عن الوطن