على نحو مفاجئ، أعلن البنك المركزي المصري، الاثنين، رفع أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 100 نقطة أساس، أي بنسبة 1 بالمئة، في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية.
وحدد البنك المركزي المصري سعر عائد الإقراض لليلة واحدة عند 10.25 بالمئة، وسعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 9.25 بالمئة.
وكان من المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية في 24 مارس الجاري، قبل أن تستبق التوقعات باجتماعها الاستثنائي.
وفسّرت لجنة السياسة النقدية في المركزي المصري، قرارها نتيجة "ارتفاع أسعار السلع الأساسية الدولية الناتج عن المزيد من الاضطرابات في سلسلة التوريد بالإضافة إلى زيادة الشعور بالابتعاد عن المخاطرة زاد من الضغوط التضخمية المحلية وكذلك الاختلالات الخارجية".
وأوضحت أنه حرصا على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي الذي تحقق، يؤكد البنك المركزي أهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة امتصاص للصدمات للحفاظ على القدرة التنافسية لمصر.
إيجابيات.. وسلبيات
بدوره، وصف رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، قرار رفع سعر الفائدة بالمهم، ولهذا السبب جاء في جلسة استثنائية، ولم ينتظر البنك المركزي الجلسة العادية نهاية الأسبوع، لأن هذا القرار يتواكب مع اتجاه البنوك المركزية العالمية لاتخاذ سياسة نقدية متشددة برفع أسعار فائدتها في ظل موجة التضخم المتسارعة بسبب وضع الاقتصاد العالمي، وحالة الارتداد في سلاسل الإمدادات، وجاءت الأزمة الأوكرانية لتؤدي إلى مزيد من التسارع نتيجة تباطؤ في توريد الحبوب وزيادة أسعار الطاقة بصفة عامة.
وأوضح الفقي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن البنك المركزي المصري اتخذ قرارا استباقيا برفع الفائدة واحد بالمئة، في حين كانت التوقعات برفعها نصف بالمئة، وهذا مناسب للغاية في تحجيم التضخم، لأننا في هذه الحالة فالتضخم به جزء مستورد نتيجة موجة التضخم العالمية، وجزء آخر يعود إلى السيولة في جسم الاقتصاد المحلي مقارنة بما هو معروض من السلع.
وعن مميزات القرار، يشير رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان المصري، إلى أن البنك المركزي يستطيع بهذا القرار تجفيف قدر من السيولة الزائدة وخفض معدلات التضخم، بدلا من تسارعها وتأثيراتها على المواطن وكذلك على الموازنة العامة للدولة.
الأموال الساخنة
ولفت الفقي إلى أن الأمر الثاني من رفع سعر الفائدة أنها تنعكس على وضع الحكومة في الاقتراض، لأنها ستقترض بأسعار أعلى وهذا قد يقلل من تدفق الأموال الساخنة إلى الخارج.
وقال إنه في الفترة الأخيرة خرجت بعض الأموال الساخنة التي لها رصيد من النقد الأجنبي أودعته لدى البنوك المصرية، وحصلت على المقابل بالجنيه المصري لشراء أذونات وسندات الخزانة، التي تستفيد من أسعار الفائدة العالية، وبالطبع وجود هذه الأموال الساخنة يساعد في استقرار سعر الصرف إلى جانب عوامل أخرى كثيرة.
وأشار إلى رفع سعر الفائدة سينعكس على رفع الحكومة سعر الفائدة على أذونات الخزانة بشكل تلقائي، الأمر الذي يؤدي إلى إيقاف التدفقات في الأموال الساخنة إلى الخارج، المقدرة بنحو 26 مليار دولار في البنوك المصرية، وهذا يساعد على استقرار قيمة الجنيه المصري.
ورغم القرار المفاجئ للبنك المركزي المصري بتحريك أسعار الفائدة، إلا أن الجنيه تراجع على نحو كبير أمام الدولار الأميركي.
وانخفاض الجنيه المصري 10.67 بالمئة، صباح الاثنين، ليجري تداوله عند 17.42-17.52 مقابل الدولار الأميركي.
وعاد الفقي للقول إن القرار يعطي إشارة إيجابية لوكالات التصنيف الائتماني والمؤسسات المالية الدولية، بأن مصر تواكب وتتكيف مع ما يحدث بالعالم بقرارات في الاتجاه السليم، وهذا يحافظ على تصنيف مصر الائتماني.
تداعيات سلبية
في المقابل، يوضح رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الإشارات السلبية من القرار، فعندما يرتفع سعر الفائدة يؤثر ذلك على فائدة الدين العام، خاصة أن مصر تقترض من الداخل بضمان أذونات الخزانة، بما يؤثر على العجز الكلي والفائض الأولي بالموازنة العامة للدولة.
كما أن القرار يدفع قطاع الأعمال سواء الحكومي أو الخاص للاقتراض بفائدة أكبر، وهذا له تأثير سلبي على قدرته على التوسع في نشاط أعماله، وفق الفقي.
وأضاف: "بشكل عام فإن هذا القرار تفوق إيجابياته، التداعيات السلبية التي يخلفها، وكان من المهم تنفيذه".
وبشأن مناقشة القرار بالبرلمان المصري، أشار الفقي إلى أنه من المتوقع مناقشة اللجنة للموازنة الجديدة مطلع أبريل المقبل وفق ما نص الدستور المصري.
وأضاف: "من المتوقع أن يكون هناك تأثير للقرار على تلك الموازنة، إذ سترتفع فوائد الدين العام، لكن وزارة المالية ستراعي ذلك في تلك الموازنة الجديدة".
ميزة للمواطن
من جانبه، قال رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن القرار كان متوقعا نتيجة الموجة التضخمية الكبيرة التي تجتاح العالم، جراء تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وارتفاع أسعار القمح والطاقة.
وأشار عبده أن القرار يفيد المواطن في أن ينعم بمدخراته، وتكون هناك نسبة فائدة مرتفعة أو شهادات خاصة تطرحها البنوك المصرية.
وعلى خلفية القرار، قرر بنكا الأهلي ومصر، طرح شهادة ادخار جديدة مدتها سنة واحدة بسعر عائد سنوي يبلغ نحو 18 بالمئة.