ماجدة سيدهم
المرأة التى مازالت تجيد صنع الأطعمة الطازجة .. تشتد عظامها فجأة مع لهفة اللقاءات ..ترص الأطباق بترتيب أماكننا المهاجرة ..تقسم الأنصبة على صغارها الذين كبروا فجأة وصارت لهم طاولات مستقلة وبعيدة ..
تتكيء عكازها على دفء المائدة ...تسمع حكاياتنا وتلتهم بعيونها الشحيحة ضحكاتنا وتبادل كؤوس ذكرياتنا وتمتم "الحمد لله أنا كدا شبعت "
تصب الشاي كعهدها وهي تضحك وتحكي كيف كانت كل مساء تتم حقائبنا المدرسية.. وكيف شكت أبرتها الليالي الطويلة بلا راحة لتحيك زخارف مفارشنا ودفء الشتاء بلفات الكروشية الملونة ولوحات الكنفاة المعلقة على حوائط بيوتنا ..
تطلعنا تفاصيل خيوطها وأدوات الحياكة الحية من أول غرزة في الرداء حتى آخر موعد للطائرة
تغسل وجوهنا بتوسل دموعها " الله يهنيكوا ويستر عليكو في غربتكوا "
وعلى الباب وفي كل مرة لاتنسى أبدا أن تعطلنا قليلا كي تطمئننا بأن اللعب مرتبة ونظيفة وستظل في شوق للبعثرة من جديد ..
أمي كاذبة.. ضحكاتها كاذبة .. توديعها لنا كاذب ...فحين تطل من شباكها لتطمئن أننا مضينا الطريق تكون كاذبة ..فكل حركة من تلويحها لنا ندرك كم تتوسلنا أن نعود إليها ثانية لتسد جوعها من ملامحنا ولتكمل سرد باقي الذكريات الخافتة ..
كنا نصدق أمي ..لكنا أدركنا فيما بعد حين كانت تقول أنها أكتفت نوما وأنها شبعت خبزا كانت بالفعل كاذبة ..!
*الامهات بالفعل أثمن مافي الوجود
.ولو بيد أي منا لقتلنا الموت كي لا يحوم في هواجسنا خشية أن يسرق منا الأمهات ...الأمهات وحدهن من يمنحن إحساسنا بالطفولة مهما نبت الشيب برؤسنا .. بينما نشيخ فجأة في غيابهن
منذ كنت صغيرة وأنا لا أحب هذا العيد خشبة أن أفقد أمي يوم ما ..لذا مازلت اطالب بالغاء هذا العيد المؤلم ..عيد الأم
الله يحفظ الأمهات ويعطي للمنتقلات السلام والاطمئنان ويمنح القوة والتجاوز والسلام لمن غابت أمهاتهم
(إيدين ماما.. ربنا يديمك لي )