خالد منتصر
احتل خبر نجاح تجارب أقراص منع الحمل للرجال نشرات الأخبار العالمية ونافس الحرب الروسية الأوكرانية. استهدف الباحثون فى معهد الأستاذة غوندا جورج بجامعة مينيسوتا الأمريكية نوعاً من البروتين هو مستقبل حمض «الريتينويك ألفا» الذى يلعب دوراً مهماً فى تكوين الحيوانات المنوية، حيث يحتاج الحمض إلى مستقبلات محددة للعمل. طوّر الباحثون مركباً يمنع عمل المستقبلات أطلقوا عليه YCT529، وبعد إعطائه للفئران لمدة 4 أسابيع، وجدوا أنه نجح فى تقليص إنتاج الحيوانات المنوية بشكل كبير وكان فعالاً بنسبة 99% فى منع الحمل، مع عدم ملاحظة أية آثار جانبية، وبعد 6 أسابيع من التوقف عن تناوله، تمكنت الفئران من التكاثر مرة أخرى، وقالت الأستاذة الجامعية غوندا جورج إن الفريق الذى تموله معاهد الصحة الأمريكية سيبدأ التجارب السريرية فى النصف الثانى من عام 2022.

رحلة حبوب منع الحمل للرجال لم تبدأ منذ اليوم، ولكن العلماء حزموا حقائبهم منذ زمن بعيد حين رفضوا أن يستأثر طبيب النساء بمسألة تنظيم الحمل وحده، وتساءلوا: ما دام الحمل يحدث نتيجة لقاء اثنين؛ رجل وامرأة، فلماذا لا يتحمل كلاهما المسئولية عن منعه؟، وكانت هذه هى البداية، وتعددت الأبحاث وشجعت النتائج العلماء على أن يواصلوا مسيرة كانت قديماً كالتابو لا تمس، وكان الدافع الأساسى للعلماء هو أن وسائل منع الحمل للنساء ما زالت لها بعض الأعراض الجانبية عند بعضهن.

وما شجّع العلماء أيضاً أن الرجل بالفعل يستعمل الواقى الذكرى CONDOM كوسيلة لمنع الحمل ولتفادى الأمراض التناسلية التى تنتقل بالاتصال الجنسى وأهمها الإيدز، فما المانع من تجربة طرق أخرى، خاصة أن نسبة فشل الواقى الذكرى تقترب من 15% وكذلك العزل وهى طريقة أكثر فشلاً من الواقى، أما الطريقة الثالثة وهى قطع جزء من الحبل المنوى الذى ينقل الحيوانات المنوية من الخصيتين إلى الخارج VASECTOMY فهى طريقة يعتبرها الرجال غير إنسانية، وقد اتفق العلماء على أن قياس نجاح أية طريقة لمنع الحمل عند الرجال تتلخص فى أن تكون آمنة وفعالة ومن الممكن الحمل والإنجاب بعد التوقف عنها، أى أنها ليست أبدية كقطع الحبل المنوى، وبالفعل كان حصاد التجارب متنوع ومتشعب أكثر مما تتصورون.

من ضمن التجارب غمس الخصيتين فى ماء ساخن درجة حرارته 115 فهرنهايت يومياً لمدة شهور أو إدخالهما فى القناة التى فى أعلى الفخذ وأسفل البطن، وبعد الإقلاع عنها أو تحرير الخصيتين من هذه القناة ونزولهما إلى مكانهما الطبيعى ستعود خصوبة الرجل إلى سابق طبيعتها بعد شهر واحد فقط، ورغم أنها طريقة آمنة ففعاليتها غير مضمونة ومدة التعرض للحرارة غير محددة، وقد ظهرت طرق أخرى، من أهمها الطرق الفارموكولوجية أو الدوائية، كانت الصين هى المقتحمة الأولى لهذا المجال، فقد اكتشف علماء الصين فى سنة 1929 علاقة غامضة ما بين تناول الطعام المطبوخ بزيت بذرة القطن وانخفاض معدل الإنجاب فى الأسر التى تتبع هذا التقليد، وتم نشر أول بحث يناقش تلك المسألة ويفك غموضها فى عام 1957 وكانت المادة الموجودة فى بذرة القطن والمسئولة عن ذلك هى الـGOSSYPO، وأجريت الأبحاث على عشرة آلاف متطوع وأظهرت النتائج أن نسبة الربع تقريباً ظلوا يعانون من العقم الكامل لمدة عام، إلا أن الأعراض الجانبية لهذه المادة قد جعلت العلماء الصينيين يتراجعون عن الخوض فى التجارب حتى أكملها علماء البرازيل فى 1990 بتقليل الجرعة وأطلقوا على الدواء اسم «نوفرتيل» يؤخذ يوماً بعد يوم لمدة شهرين ولكن ما زالت هيئة الدواء العالمية معترضة على سمية الدواء.
نقلا عن الوطن