حمدي رزق
الشَّماتةُ، كما قال أهل اللغة، معناها: فرحُ العدُوّ ببلّيةٍ تنزلُ بمعاديهِ، وقد ورد نهى المسلم أن يشمت بأخيه المسلم ويفرح أو يضحك مما ينزل به من بلاء أو مكروه، لما فى ذلك من إحزانه وأذيته بغير حق..
الإعلامى «توفيق عكاشة» فى منشور له على صفحته الشخصية بـ«فيسبوك» يقول: «عندى حالة من الاكتئاب شديدة لم تحدث من قبل فى حياتى.. وأسأل نفسى ما أنا فاعل غدًا.. لا شىء».
والسؤال لغير الله مذلة، متعاطف بالكلية مع الزميل «توفيق عكاشة»، سيبك من المواقف السياسية، السياسة لوثت المشاعر، حرّفت البوصلة الإنسانية عن الأصول المرعية، هذه محنة إنسانية تستوجب المؤازرة.. أقله نفسيًا، الرجل يحس أنه عايش بين الناس، مش مقطوع من شجرة متساقطة الأوراق فى صحراء الحياة.
كلنا معرضون لمثل هذه الأزمات الحياتية، إذن ارحموا عزيز قوم ذل، تعاطفوا، تواصلوا، الرجل كشف ستره علنًا من ضيقته، ويعانى فلسا ماديا وأظنه إنسانيا، صدره ضيق حرج كأنما يصّعد فى السماء.
للأسف، السخرية منه بزيادة، صمتكم عنه كفاية، ولكن السخرية من معاناته لا تستقيم دينًا ولا خلقًا ولا أدبًا، الرجل يشكو حاله لحاله، وكل منا يبكى على مواله، الشماتة ليست من خلق الطيبين، وكلنا معرضون للغرم.
توفيق يحدّث نفسه قبل أن يحدث الناس، يتألم جهرة، البعض يتألم فى صمت، الصمت البليغ، وربنا ما يحكم علينا بالفلس.
عن سابق معرفة، توفيق ابن أصول، ومن بيت كرم، وما بذله بسخاء فى مواجهة الإخوان خليق بتكريمه، ليس أبدا بالشماتة فى محنته، الرجل يمر بضائقة، ربنا يفكها من عنده ويرزقه من حيث لا يحتسب، كُفوا أذاكم عن الناس، ارحموا تُرحموا.
محدش فينا ضامن بكرة، والدنيا قلابة، والرياح فى الغالب تأتى بما لا تشتهى السفن، ويا مستكتر اللى جاى أكتر، وياما دقت على الرووس طبول، وشِدة وتزول يا توفيق، وصبر جميل.
صاحب الشعبية الأولى بلا منازع قبل ٣٠ يونيو، وَصْف جار عليه الزمن، لطيف حتى وهو حزين، يقول عن مشروعه المستقبلى ساخرا بعد أن سدت فى وجهه الأبواب: «وبكوّن شركة من الزملاء للشحاتة، فوق الكبارى وتحتها»، السخرية المُرة التى امتاز بها توفيق فى ظهوراته الإعلامية (كثيفة المشاهدة)، تلون شكواه..
ما أخشاه على توفيق خطر الاكتئاب، جد خطير، يقول: «عندى حالة من الاكتئاب شديدة، لم تحدث من قبل فى حياتى وأسأل نفسى ما أنا فاعل غدًا، لا شىء»، يا عم سيبها لله، ما ضاقت إلا ما فرجت، يقول الإمام الشافعى «وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى ذَرعًا.. وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ/ ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها.. فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ».. تفاؤلا ستفرج «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا» ( الطلاق: ٢١ ).
الخلاصة: لا يكمل إيمان أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تظهر الشماتة لأخيك، فيعافيه الله ويبتليك». (رواه الترمذى).
نقلا عن المصري اليوم