رغم ما أضافته أزمة أوكرانيا من أعباء على الاقتصاد المصري، وقرارات البنك المركزي التي هبطت بسعر الجنيه مقابل الدولار، إلا أن السلع الغذائية الرئيسية لم تهاجمها قفزة كبيرة بالأسعار، فيما أرجع خبراء كلمة السر لـ"التخطيط المسبق" ومعارض "أهلا رمضان".

 
ولمصر وضع خاص، كان يُتصور أنها بسببه ستكون أكثر من يعاني في السلع الغذائية من قفزة الأسعار؛ فهي تعتمد على طرفي الحرب، روسيا وأوكرانيا، في استيراد النسبة الأكبر من القمح، و80% من القمح الذي استوردته في 2021 جاء منهما، وفق وكالة رويترز.
 
وارتفعت أسعار المواد الغذائية في مصر حتى قبل الحرب، فوفقا لجهاز الإحصاء ارتفع معدل التضخم السنوي ليبلغ 10% لشهر فبراير، مسجلا النسبة الأعلى منذ منتصف 2019.
 
وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي خلال اجتماع حكومي، الاثنين الماضي: "هذه الأزمة قد تكون أكثر حدة بكثير من أزمة فيروس كورونا" ، في إشارة للتأثير الاقتصادي لحرب أوكرانيا.
 
وفي ذات اليوم، خفَّض البنك المركزي سعر الجنيه المصري 14% مقابل الدولار بعد أن دفعت الأزمة الأوكرانية المستثمرين الأجانب لسحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية، كما رفع البنك أسعار الفائدة لليلة واحدة بنقطة مئوية واحدة، وفي ذات الوقت أعلنت الحكومة حزمة "إغاثة اقتصادية" بقيمة 130 مليار جنيه (7.05 مليار دولار).
 
ويوم الأربعاء أعلن صندوق النقد الدولي أن مصر طلبت دعما منه لتطبيق برنامج اقتصادي شامل.
 
والسؤال.. ما تأثير كل ما سبق على الأسعار، لا سيما مع حلول شهر رمضان؟
 
اختصار دورة السلعة
بالتزامن مع هذه الإجراءات، أقامت الحكومة المصرية مئات المعارض في أنحاء البلاد تحت اسم "أهلا رمضان"، لتقديم السلع الغذائية بأسعار تقارب ما كانت عليه قبل الأحداث الأخيرة.
 
ولفت الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية المصرية علاء عز، إلى أن من أسباب ارتفاع الأسعار، حتى قبل الأزمة الأوكرانية، هو طول مراحل نقل السلع، بداية من مكان إنتاجها حتى تصل ليد المستهلك؛ ولهذا فإن مبادرة "أهلا رمضان" التي تنقل السلعة من المنتج إلى المستهلك بأقصر الطريق ساهمت في خفض الأسعار 25%؛ ولذا مشترو السلع من معارضها لم يشعروا بقفزة أسعار.
 
ونتيجة لهذا النجاح، فإن مبادرة "أهلا رمضان" التي كان مخططا أن تكون لأسبوعين، ستتواصل حتى بعد رمضان، بناء على تعليمات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ لاستمرار السيطرة على الأسعار في الأسواق، بحسب عز.
 
ويضيف أن المبادرة بدأت منذ 16 سنة بمنفذ واحد في كل محافظة من محافظات الدولة الـ 27، متابعا: "حاليا تتجاوز منافذ أهلا رمضان الـ8000؛ ما يعني الانتشار الواسع، بخلاف منافذ السلاسل التجارية، و300 سيارة متجولة بالقرى والنجوع؛ وهو ما ساهم في كبح جماح الأسعار بأكثر من التوقعات"
 
 والمشكلة التي تواجه هذه المنافذ، وفق عز، هي سرعة إحلال البضاعة التي يزيد الإقبال عليها، لأن سلاسل الإمداد لا توازي حجم التوسع بالمشروع.
 
وهذا النجاح، ساهم في طرح مبادرة أخرى، يقول عنها الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية: "هناك اتفاق مع الشركات الكبرى أن تخفض أسعار السلع الغذائية، مساهمة منها في ضبط السوق".
 
التخطيط المسبق
وبتعبير عز، فإن "مصر أحسن حالا من دول كثيرة"، مرجعا ذلك لسرعة استيعابها للأزمة منذ شهر يناير، وهو ما دفع الحكومة لزيادة المخزون الإستراتيجي للسلع من 3- 5 أشهر؛ فأصبحت الأسواق مهيأة لامتصاص الصدمة الحالية بشكل كبير، حتى مع دخول المناسبات التي يزيد فيها الاستهلاك مثل رمضان والأعياد".
 
وتسيطر الحكومة على أسعار الخبز المدعوم، إلا أنه نتيجة حرب أوكرانيا، قفز سعر الخبز غير المدعوم 25٪ في بعض المخابز؛ ما دفع الحكومة للتدخل بتحديد سعره، وإلزام المخابز بذلك.