خالد منتصر
من الممكن أن نختلف حول رد فعل ويل سميث الذى حصل على جائزة أفضل ممثل حين صفع مقدم حفل الأوسكار، لكننا لن نختلف على أنه كان لا بد أن يغضب ويثور، مقدم الحفل اعتبر أن ما قاله على زوجة سميث هو من قبيل الهزار، حين قال إنها تصلح لأن تمثل الجزء الثانى من فيلم بطلته صلعاء! لكن هذا ليس هزاراً ولكنه تنمر حقير يقترب من الجريمة، السخرية من الملامح أو الشكل أو الوزن أو لون البشرة.. إلخ، لا بد من أن ندينها ونجرمها، وبحكم تخصصى فأنا أعرف جيداً مقدار الألم النفسى الذى تعانيه مريضة الثعلبة، «جادا»، زوجة سميث، مريضة ثعلبة، وهو مرض يضرب فيه جهاز المناعة الشعر وتظهر دائرة خالية تماماً منه، ومن الممكن أن يتطور إلى دوائر متعددة، وأيضاً ممكن أن يسقط شعر الجسم كله بما فيه شعر الحاجبين، منذ أربع سنوات، تحدثت جادا بينكيت سميث، لأول مرة، عن حالتها بعد تسجيل حلقة من برنامج Red Table Talk.
فى ذلك الوقت كانت ترتدى إيشارباً على رأسها، قالت فى بدء رسالتها: «إننى أتعامل مع بعض مشاكل تساقط الشعر»، فى وقت لاحق، تحدثت عن تفاصيل كيف أثرت الثعلبة على حياتها عاطفياً: «لقد كان مرعباً عندما بدأت، ذات يوم كنت أستحم وفجأة تساقط شعرى بالكامل فى يدى، كانت واحدة من تلك اللحظات فى حياتى، حيث تركت أرتجف من الخوف، كان شعرى دائماً جزءاً غالياً عندى، كانت العناية به من الطقوس الجميلة، كان لدى دائماً خيار الحصول على شعر أم لا، وفى يوم من الأيام، فجأة، لم يعد لدى شعر! وفى مقطع فيديو قصير نشرته «جادا» على شبكات التواصل الاجتماعى، أعلنت الممثلة أن حالتها ساءت وقررت أن تحلق شعرها بالكامل: «سيتعين علىّ التحدث عن فروة الرأس حتى لا يظن أحد أننى أجريت عملية جراحية فى الدماغ أو شيئاً ما، الثعلبة وأنا سنكون أصدقاء، فترة»! عندما تدخل عليك فى العيادة بنت مراهقة صغيرة تعانى من ثعلبة شديدة وتغطى شعرها وترسم حاجبيها بالكحل أو بقلم رصاص، مشروخة من الداخل ومضطربة، فاقدة للثقة، لا بد أن تقدر مدى البؤس والاكتئاب الذى تعيشه، وتطبطب عليها نفسياً قبل أن تكتب الروشتة، مريض الجلد يعانى من عيون الناس أكثر مما يعانى من مرضه، سواء فى البهاق أو الصدفية أو الثعلبة.. إلخ، فالجلد أعراضه ظاهرة لأنه مرآة، فلا بد أن نكون مهذبين فى طريقة نظراتنا، نصافح مرضى البهاق والصدفية ونتغلب على جهلنا المزمن ووهمنا الساكن فى جماجمنا بأنها أمراض معدية، الثعلبة على سبيل المثال والتى كانت سبب مشكلة حفل الأوسكار، ليست مؤلمة عضوياً ولا معدية ولا خطيرة أو قاتلة، لكنها مؤلمة نفسياً بشكل لا تتخيلونه، وأتمنى أن تقدروه وتستوعبوه، الرأفة والرحمة وعدم التنمر من مرضى الجلد.
نقلا عن الوطن