لأكثر من 5 آلاف عام ظلت رائحة "الحلو مر" تشكل أول مؤشر على قرب شهر رمضان، في السودان، حيث تحرص جميع الأسر السودانية على صناعة رقائق "الحلومر"، وهي عملية تكلف الكثير من الجهد والمال لكنها تشكل جزءا من الطقوس الرمضانية الأصيلة.
وعلى الرغم من حرص الأسر على إرسال شحنات من "الحلو مر" إلى أقاربهم في دول المهجر قبل وقت كاف من بداية شهر رمضان، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت مبادرات نسوية في العديد من بلدان المهجر لتصنيع رقائق الحلومر في تلك البلدان.
وانتشر بشكل واسع خلال اليومين الماضيين، مقطع فيديو يظهر مجموعة من النساء السودانيات المقيمات في الولايات المتحدة الأميركية وهن يصنعن رقائق المشروب الرمضاني الشعبي السوداني المعروف باسم "الحلومر".
وتؤكد سيدة مبارك وهي سودانية هاجرت إلى ولاية كالفورنيا الأميركية قبل نحو 17 عاما، أن السودانيون بطبعهم يميلون إلى نقل عاداتهم الاجتماعية والثقافية والغذائية أينما ارتحلوا وهو ما يجعل وجودهم في أي مكان مميز.
وتقول مبارك لموقع سكاي نيوز عربية، إن السودانيون في الولايات المتحدة الأميركية يستعدون لشهر رمضان قبل وقت مبكر، ويحرصون على مشاركة المجتمع الأميركي في موائدهم السودانية، مما يشكل نوعا من الدبلوماسية الشعبية وفرصة للتعريف بالموروث السوداني الغني.
وفي ذات السياق، اعتبر محمد المهدي بشرى، استاذ التراث في معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، أن حفاظ السودانيون على موروثهم التاريخي يؤكد عمق وقدم الحضارة السودانية.
ويقول بشرى لموقع سكاي نيوز عربية، إن السودانيون في دول المهجر كثيرا ما يتمسكون بتراثهم وينقلون معهم عاداتهم الرمضانية، التي غالبا ما تثير اهتمام الشعوب المستضيفة، مما يؤدي إلى المزيد من الاندماج والتلاقح الثقافي الذي يعزز العلاقات بين الشعوب.
ووفقا لإحدى الروايات الأكثر ترجيحا، فإن تاريخ علاقة السودانيين بـ"الحلومر " تعود إلى ما قبل 5 آلاف عام، عندما فكرت سيدة من شمال السودان بالاستفادة من جوال ذرة غمرته مياه الأمطار لعدة أيام؛ فقامت بطحنه وتخميره وأضافت له مجموعة من التوابل المحلية من أجل تحسين رائحته وفائدته الغذائية ومن ثم صنعت منه رقائق بنية اللون جمعت بين نكهتين، مما جعلها تطلق عليه تسمية "الحلومر".
وبدأت تلك السيدة بتقديم عصير تلك الرقائق لضيوفها بعد إضافة الماء والسكر إليه، لكنها سرعان ما اكتشفت ميزة أخرى له إضافة إلى طعمه الجميل، حيث يساعد بشكل سريع في قطع حالة العطش خصوصا في المناطق الحارة وهو ما جعل منه المشروب المفضل في شهر رمضان منذ ذلك الوقت.