أمينة خيري
جنبًا إلى جنب مع عبادتنا فى رمضان، وطقوسنا الحياتية والاجتماعية والترفيهية، ربما يكون ما تبقى من ساعات رمضان فرصة طيبة لتوسيع المدارك والنظر إلى العالم الذى نعيش فيه ونشكل جزءًا منه بعين أكبر وأشمل. هذه الساعات ربما تغير من نظرتنا لأنفسنا وللعالم، الذى لسبب ما غير معلوم يعتقد بعضنا أنه يدور حولنا، ويعتقد البعض الآخر أنه لا علاقة لنا به.
نحن جزء من العالم. نتأثر به وبما يجرى فيه، ولعل حرب روسيا فى أوكرانيا أحدث مثال، وثانى أحدث مثال هو حرب الوباء على العالم. وربما نؤثر فيه، وذلك إما لأسباب تاريخية أو جغرافية أو اقتصادية أو سياسية أو علمية. بمعنى آخر، نحن لا نؤثر فى العالم لمجرد أننا نظن أننا «جامدين قوى» أو لأن خطابًا ثقافيًا، وربما دينيًا، تربينا عليه يقوم على أساس أننا محور العالم، لا لشىء سوى أننا نحن. لكننا نؤثر فيه لأننا دولة مهمة تاريخيًا وجغرافيًا وسياسيًا، ولأن ما يحدث عندنا يؤثر- شئنا أو أبينا- فيمَن حولنا. أما التأثير المقصود، أو فلنقل التأثير الذى ننجزه بأنفسنا مع سبق الإصرار، فهو نجاحنا فى الخروج بإنجازات علمية أو عملية أو بحثية تفيد العالم بشكل ما.
هذه دعوة لنا جميعًا إلى أن نقرأ ونطّلع أكثر خلال الشهر الكريم. ولتكن قراءة واطلاعًا حقيقيين، أى بعيدًا عما يكتبه فلان على «فيسبوك» أو ما تغرد به علانة على «تويتر» وغيرهما من منصات التواصل الاجتماعى. وسأوسع من الدعوة قليلًا حيث القراءة والاطلاع حول العالم. لماذا لا نقرأ ونشاهد ما يقول الروس إنه يحدث، وما يؤكد الأوكرانيون أنه يجرى، وما يصفه البريطانيون من وجهة نظرهم، وما يشرحه الفرنسيون، وما يدلو به الأمريكيون من معلومات أو آراء، وما يخرج عن الصينيين من أخبار، واليابانيين من تحليل، وما يحتوى عليه الإعلام الهندى، وما يبثه ما تبقى من إعلام أفغانى؟. وهلم جرا.
أغلب دول العالم لديها منصات ناطقة بالإنجليزية، وبعضها لديها قنوات ومواقع ومنصات ناطقة بالعربية، وفى حال لم يتوافر هذا أو ذاك لكن توافرت الرغبة فى المعرفة فـ«جوجل ترانسليت» يقوم بجزء من الواجب وزيادة.
معرفة الأخبار من مصادرها لها مذاق مختلف عن تذوقها بعد إعادة تدويرها سياسيًا أو تحريريًا. والاطلاع على ما يجول فى خاطر العالم من أفكار وآراء وتوجهات يستحق خوض مضمار القراءة والمشاهدة غير المعتاد. قد تبدو الفكرة غريبة لكنها ليست سيئة. المعرفة والعلم عبادة، والساعات المتاحة لنا فى شهر رمضان ليست قليلة. نصوم، ونتعبد، وندعو الله أن نكون أكثر علمًا ومعرفة حتى نصبح أكثر فائدة لأنفسنا ومَن حولنا.
أتعهد لمَن يتبنى الفكرة أن يخرج من رمضان ونظرته إلى العالم ونفسه وبلده وما ينبغى عليه عمله مختلفة عن تلك التى بدأ بها رمضان. رمضان كريم ويحب المعرفة.
نقلا عن المصري اليوم