محرر الأقباط متحدون
قال الكاتب مؤمن سلام في تدوينة عبر حسابه بالفيسبوك ، أدى مئات المسلمين صلاة التراويح في ميدان تايمز سكوير في نيويورك لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة حسب وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية. وهنا كالعادة انقسم الناطقين بالعربية إلى قسمين، قسم الإسلاميين وجمهورهم الذين احتفلوا بهذا النصر المبين على الأمريكان الملاعين، وقسم يمثل جزء من العلمانيين أقاموا مندبة وأعلنوا غضبهم وكأن الإسلاميين بالفعل احتلوا أمريكا وأعلنوها الولايات المتحدة الإسلامية. فلماذا فرح هؤلاء وغضب هؤلاء؟

واضاف ، فرح الإسلاميين وقطيعهم بالنصر المبين يأتي إنطلاقاً من فكرتهم عن الدولة العلمانية، بأنها دولة تعادي الدين عموماً والإسلام خصوصاً، وليست دولة محايدة بين العقائد، طالما أن هذه العقائد تحترم الدستور والقانون، فعندما يروا هذا المشهد يتخيلوا أن هؤلاء المسلمين قد دخلوا الميدان عنوه وأقاموا الصلاة رغم أنف الأمريكان الكافرين، فعقليتهم لا تستوعب أنك إذا أردت إقامة أى تجمع سواء مؤتمر أو مظاهرة أو صلاة في أى شارع أو ميدان تستطيع أن تتقدم بطلب للجهات المختصة والتي ستدرس الأمر وتتأكد من أن الطلب سليم وسلمي ويكون المنظمون مسؤولون عن أى خرق للقانون أثناء التجمع، فاليوم صلاة التراويح للمسلمين ومن الممكن غداً مؤتمر لدعم إسرائيل، وبعد غداً مظاهرة للمثليين، نعم عزيزي المحتفل بالنصر المبين ربما غداً يقف مكان كل مصلي من هؤلاء يهودي أو مثلي، فهل ستعتبر وقتها أن الإسلام قد هُزم في تايمز سكوير وأن اليهودية أو المثلية انتصرت؟

وتابع ، أيضاً هناك سبب أخر يدعم هذا الإحساس الكاذب بالنصر، وهو نظرية المؤامرة المترسخة في عقلية الناطقين بالعربية، فوفقاً لهذه النظرية أمريكا هى رأس الحربة في التأمر على العروبة والإسلام، وعندما يصلي المسلمين التراويح في قلب نيويورك، فهذه أول بشائر النصر وإنكسار المؤامرة وعودة الخلافة العربية الإسلامية، وتحقيق أستاذية العالم.

ببساطة هى معركة وهمية لا وجود لها إلا في عقول بسيطة مهزومة.

على الجانب الأخر، ثار بعض العلمانيين لهذا المشهد، بفعل الخلط داخل العقل الناطق بالعربية بين الإلحاد والعلمانية، وكأنهم يؤكدون على الأكذوبة الإسلاموية أن العلمانية والإلحاد شيء واحد، ولهذا أقول دائماً ليس كل ملحد علماني وليس كل دولة ملحدة علمانية. فعندما سعى الإتحاد السوفيت والصين وكل دول الستار الحديد لفرض الإلحاد على المؤمنين بالأديان فقد تخلت عن العلمانية لأنها فقدت حيادها بين العقائد وانحازت لعقيدة ما، وهى الإلحاد.

وربما جاء هذا الغضب أيضاً على خلفية الشعور بالهزيمة أمام الإسلاميين داخل الدول الناطقة بالعربية، والتي تنص دساتيرها على أنها دول دينية في الأساس، بتحديد دساتيرها لدين الدولة وهو الإسلام، واعتبار الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع، بالإضافة لتديين المجال العام الذي تقوم به حكومات هذه الدول لأسباب سياسية. فليس في الأمر أى هزيمة في الواقع، فشعروا وكأن أمريكا أيضاً تُهزم أمام هؤلاء. غير مدركين أن كل النخب الإسلاموية هى مجرد أدوات في يد النخب السياسية في العالم كله.

الحقيقة أنه لا الإسلام إنتصر ولا أمريكا هُزمت كما تصور الطرفين، وإن كان هناك من منتصر في المشهد فهو فكرة الدولة العلمانية التي تقف على الحياد بين كل العقائد.