كتب: محمود الغيطاني

 هل مازال أحدا يذكر فيلم المخرج الأمريكي بوب فوس الشهير life is a Cabaret كبارية 1972م والحائز على جائزة الأوسكار عام 1973م ؟

   أعتقد أني إذا ما طرحت هذا السؤال على أي ممن يهتمون بفن السينما لاعتقد أني مجرد ساذج؛ لأنه من الأفلام العلامات في تاريخ السينما الغنائية العالمية.
   هذا هو الفيلم الذي اقترح الناقد السينمائي عصام زكريا بعرضه في ورشة تعليم النقد السينمائي بمكتبة أبجدية والتي يشرف عليها مع الناقد السينمائي محمود الغيطاني من أجل عرضه كنموذج تطبيقي على ما تتم دراسته.
 
    إنه الفيلم الأشهر في تاريخ السينما الغنائية عالميا، والمختلف تماما عن نهاياتها السعيدة؛ ومن ثم كانت نهايته هي فقدان بطلته "سالي باولز" التي تؤدي دورها النجمة الأمريكية "ليزا مينيللي" للرجلين اللذين يمتلكان قلبها بعد أن حملت من أحدهما دون قصد.
 
   نقول أن هذا الفيلم الذي يعد من كلاسيكيات السينما العالمية والذي تدور أحداثه في برلين عام 1931م وقت صعود النازي واضطهاده الشديد لليهود في ذلك الوقت، كان من أفضل الأفلام التي اختصر لنا مخرجها "بوب فوس" الحياة كلها في هذا الملهي الليلي- الكبارية- والذي كان اسمه كبارية الكيت كات، حيث صور لنا أن كل ما يحدث في هذا الكبارية ما هو إلا صورة مصغرة للحياة خارجه بكل سوءاتها وحسناتها، بكل قسوتها واضطرابها وصخبها وجنونها في مقابل منطقها واعتدالها أحيانا؛ ولذا نرى أن "سالي" ليزا مينيللي إحدى أهم نجمات الكبارية تكاد تكون مجنونة وموتورة بالحياة، ومقبلة عليها بشكل تبدو فيه وكأنها غريبة الأطوار، بالرغم من أنها في حقيقة الأمر مجرد فتاة عاشقة للحياة ولا تأمل سوى في أن تصبح ممثلة مشهورة، ولكن هذا العشق للحياة والإقبال عليها يجعلها تخسر حبيبيها في نهاية الأمر لتظل وحيدة بائسة ليس لها سوى الكبارية- الذي تغني فيه استعراضاتها-.
 
   إنه العالم الخارجي بشكل مصغر، نجح فيه بوب فوس إلى حد بعيد في الربط الفني بشكل جيد بين ما يدور داخل الكباريه من مساخر، وبين ما يدور في الحياة الخارجية الممثلة في المجتمع الألماني وقت صعود النازية، وكأن هذا المجتمع هو العالم كله، ومن ثم يرغب بوب فوس اختصاره في هذا المكان من خلال مونتاجه الذكي الذي نجح فيه كثيرا من خلال هذا الربط.  
 
   يذكر أن بوب فوس قدم لنا فيلما غنائيا آخر كان من الأفلام المهم في تاريخ السينما العالمية أيضا وهو فيلم All that Jazz كل هذا الجاز عام 1979م، كما كان فيلمه كباريه هو أول فيلم يتم عرضه في برنامج أوسكار الذي كان يعده السينمائي يوسف شريف رزق الله وتقدمه سناء منصور في حلقته الأولى عام 1980م.