حمدى رزق
العنوان أعلاه مسكوكة وطنية من مسكوكات البابا تواضروس الثانى بابا المصريين، من الكلم الطيب، كلمة طيبة كشجرة طيبة، حسنةٌ جيِّدة لا كراهةَ فيها.
على وزن «الدين لله والوطن للجميع»، مسكوكة البابا ستُعمَّر طويلًا، ستلهَج بها الألسنة المُحِبة دومًا، البابا يتخارج من الحالة، ورغم الحزن الساكن فينا، ويطل من عينيه المجهدة، يمسك بأشعة الشمس، ولسان حاله يُغنى عن بيانه، وملخص الحال في كلام طيب الذكر الخال الأبنودى: (كل الدروب واخدة بلدنا للنهار/ واحنا بلدنا ليل نهار/ بتحب موال النهار/ لما يعدى في الدروب/ ويغنى قدّام كل دار).
البابا مفطور على حب مصر، تسرى مصر في روحه ودمه، وكلما سنحت الفرصة تغَزّل في قَسَمات شعبها، يراهم بأعين مبصرة للجمال المستبطن في دواخلهم، وكما قال الإمام الشافعى «وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ..»، وعين البابا راضية، وحامد وشاكر في السراء والضراء وحين البأس.
عظة الأربعاء الماضى، على وقتها، وملخصها، ومن كلام سابق لقداسته: «لدينا مَن يقولون على الشر (خير) والظلمة (نور)، ويعيشون في دائرة الشر بكل صوره، لذلك الإنسان لا يمكن أن يكون ناطقًا بالحق إذا عاش بهذه الأساسيات».
مسَّ قداسته عرَضًا مرضيًّا مزمنًا استولى على البعض في غيابة الجُبّ النفسى، فطفقوا يعمهون في الشر، وانحرفوا وانجرفوا عن الطريق القويم، فصاروا أشرارًا يعكسون الحقائق، يقولون على الشر «خير» في خلط وتخليط، وعلى الظلمة الحالكة «نور»، وهم لا يرون أكفهم من فرط ظلمة أنفسهم، ولكنهم يفترون، ويمعنون في الشر.
البابا يحذر من قلب الحقائق وتغييب الوعى والضلال والإضلال والتضليل الذي بات مرضًا اجتماعيًّا عضالًا، يستوجب التعاطى معه (بالحقائق والشفافية والمعلوماتية) حتى لا يستشرى شره بين الناس، وكما قال الإمام على، كرّم الله وجهه: «سيأتى عليكم من بعدى زمان، ليس فيه شىء أخْفَى من الحق، ولا أظهر من الباطل، ولا أكثر من الكذب».
هذا ما نعيشه الآن، ووقف عليه البابا تواضروس محذرًا من غيبة الحقائق، وترجمة منطوق البابا، وبلغتنا الشعبية حذارِ من «الضلالية»، والضلالى لا يمكن أن يكون ناطقًا بالحق إذا عاش ينكر الحق ويوسِّد الباطل، مثله كمثل مَن خصهم سبحانه في آياته ناهيًا: «وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة: ٤٢).
دائرة الشر التي تحيطنا، مَن دخلها ضاع في الظلمة، ولن يخرج أبدًا وفى هذا نقرأ في الإنجيل «وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الْإِخْوَةُ أَنْ تُلَاحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلَافًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِى تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ». (رومية ١٧:١٦)
البابا تواضروس الثانى مُحِبًّا، حانيًا، واجفًا، يصلى من أجل وطن يعيش فينا، ويحذر من الظلمة، ويطالب الأجهزة المعنية بمزيد من جهود التوقِّى من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ويرسل إلى الشعب رسالة طمأنة في عظة عميقة، ويُعزى ويُواسى أسرة القمص الشهيد «أرسانيوس وديد»، ويُطيِّب الجراح، بردًا وسلامًا على وطن يقتات المحبة، نهج الأخيار الطيبين.
نقلا عن المصرى اليوم