خالد منتصر
للأسف لدينا نسبة أطفال سيكوباتيين يقرعون أجراس الخطر، نسبة رهيبة من الأطفال عندنا يعانون من أنيميا التربية، إنها كارثة أن أطفالنا يحملون كل هذه العدوانية المجانية، شاب من محافظة الإسماعيلية مات نتيجة هزار أطفال ألقوا عليه أكياس مياه، جرى خلفهم، وقع من طوله، سكتة قلبية من النرفزة مع الجهد المفاجئ!! مشهد عبثى، الحمد لله تم القبض عليهم، لكن هل تم القبض على تلك الظاهرة السخيفة، ومنع هذا اللهب الصبيانى الوقح الذى كانت نتيجته ضياع عمر شاب لقاء بعض ضحكات سمجة من أطفال المفترض فيهم البراءة، صار هذا النوع من الهزار العيالى الغلس السيكوباتى طقساً يومياً فى أرجاء مصر، شر دليفرى، ضحك على قسوة لزجة المفروض ألا تثير إلا الغثيان والاشمئزاز، أطفال يلقون بالحجارة على القطارات!!
القطار يمشى فى أمان الله، مدفوع فى تجديده وصيانته الملايين، تأتى مجموعة أطفال، تنشق عنهم الأرض، لتبدأ عاصفة ضرب الطوب والحجارة والزلط فى نشوة عجيبة، يقفزون فرحاً بإنجازهم العبقرى، وكأنهم فى الملاهى!! أطفال يضربون صواريخ وشماريخ بجانب من يمشى آمناً فى الشارع ليضحكوا على نظرات رعبه وهلعه!! ليه ماتعرفش؟؟! ماذا سيكسبون؟ لا إجابة!! ما الربح القادم؟؟ صمت.
يدقون أجراس البيوت ويهرولون ضاحكين على رب البيت وهو يفتح الباب ولا مجيب!! ليصرخوا وهم يهرولون، العبيط أهو!! عيال يخرجون بالكلاب الشرسة، قاصدين ومتعمدين إخافة العابرين الآمنين فى الشارع!!! ما هذا التلذّذ العجيب برعب الآخرين وخوفهم وأحياناً توسلهم بإبعاد تلك الوحوش، أطفال يخرجون ويدلدلون أجسامهم من نوافذ السيارات أثناء الزفة ويمنعون السيارات من المرور ويسبون من لا يشاركهم ضرب كلاكسات زفة الفرح!!! حتى الإسعاف الذى يذهب لإنقاذ مريض بين الحياة والموت لم يسلم من سماجتهم.
ما السبب فى هذا السلوك العدوانى؟ وما الذى زرع فى مجتمعنا هؤلاء الزومبى المتفاخرين بالوقاحة؟ نحن نحتاج إلى مائدة مستديرة من علماء النفس والاجتماع لدراسة تلك الظاهرة، نحن نحتاج إلى تعاون وزارة التربية والتعليم للفهم وللتغلب عليها وحصارها لكى نعيش فى مجتمع صحى، نحتاج إلى برامج أطفال للتوعية، تلك التوعية التى لم تشمل الأطفال فقط، ولكنها تشمل أيضاً الآباء والأمهات، نحتاج إلى دراما للأطفال لا تنمر فيها ولا ألفاظ خارجة أو عنف، نحتاج لأن تكون برامج الهزار أو المقالب لطيفة وخفيفة لا غلظة فيها ولا فجاجة، برامج لا تسعى للضحك بالعنف والإهانة والسخرية من لون البشرة أو شكل الجسم أو الملامح.. إلخ.
لا أجد تفسيراً لهذا النوع من الأطفال السيكوباتيين الذين للأسف صاروا يمثلون نسبة مزعجة ضاغطة ومقلقة، السؤال هل بتلك الأمراض النفسية التى تتلبس هؤلاء الأطفال سيتشكل مستقبلنا؟
هل بتلك النفسية المهتزة سيواجه الأطفال مشاكلهم ومشاكل المجتمع؟ لو ظل مفهوم البهجة عند الطفل مرتبطاً بالعنف فهى كارثة، لو ظل تعبير الفرح مرتبطاً بالرعب فهي مأساة.
لو ظل مبدأ الهزار مرادفاً للوقاحة فهي فضيحة، الطفل براءة، والبراءة ليست مرادفاً للعبط والسذاجة، الطفل دهشة، والدهشة ليست مرادفاً للحشرية، الطفل ضحكة، والضحك ليس مرادفاً للوضاعة، عدد أطفال مصر ٤٠ مليوناً، إنهم شعب، داخل شعب فلنهتم بأطفالنا، لا تدعوا الشارع بنفاياته يربيهم طلباً لراحة أدمغتكم، نريد طفلاً صحيحاً نفسياً وليس معتلاً اجتماعياً، الهزار بتلك الطريقة منتهى العار.
نقلا عن الوطن