د.ماجد عزت إسرائيل
اخريستوس آنيستي،
اليثوس آنيستي
أهنئكم جميعًا بعيد القيامة المجيد لهذا العام 2022. أهنئ كل الايبارشيات والكنائس القبطية والاديرة القبطية في مشارق الأرض ومغاربها وأهنئ كل الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والأباء الكهنة والأباء الرهبان. أهنئ كل الشمامسة وأعضاء مجالس الكنائس في كل مكان. وأيضًا أهنئ كل الأسر القبطية التي تحتفل بعيد القيامة المجيد، كل أسرة، كل أب وكل أم. أهنئ الشباب، والخدام، والخادمات، أهنئ الكبار والصغار. أهنئكم بهذا العيد المفرح الذي نحتفل به سنويًا.
في حياة المسيح محطات كثيرة. في أثناء خدمته الجهارية والتي امتدت الى أكثر من ثلاث سنوات، كانت هناك محطات كثيرة من المعجزات والمقابلات والتعليم والامثال. وتقابل فيها السيد المسيح مع تلاميذه ومع جموع كثيرة، سواء فرادة أو في مجموعات عبر هذه الخدمة. من هذه المحطات الكبيرة، المحطة التي جمع فيها تلاميذه وذهبوا الى منطقة قيصرية فيلبس (متى 16: 13) في شمال فلسطين. وهناك سألهم: مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟ (متى 16: 13) فأجابوه. وسألهم السؤال التالي: وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟ (متى 16: 15). فكانت إجابة القديس بطرس الرسول: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ (متى 16: 16). وهذه العبارة كتبت في البشائر الأربعة ببعض الصياغات المختلفة، ولكنها كتبت في ضوء القيامة المجيدة: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ (متى 16: 16). كانت هذه محطة هامة في حياة التلاميذ. وبعدها بدأ الحديث عن ما سيتم خلال الأسابيع والشهور القادمة، وذلك في حياة خدمة السيد المسيح من أنه يسلم ويصلب ويدفن ثم يقوم.
ثم جاءت محطة التجلي وهي محطة جمع فيها ثلاثة من التلاميذ (متى 17: 1-13)، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. بطرس يمثل الإيمان، ويعقوب يمثل الجهاد، ويوحنا يمثل المحبة الإلهية.
وعلى جبل طابور، تقابلوا مع السيد المسيح وحضور موسى النبي وايليا النبي (متى 17: 1-13). وكان هناك حواراً وكان أهم مافيه: جيد يارب أن نكون ههنا (متى 17: 1-13). وهذا يعتبر قبس من الأبدية ونور من الأبدية. وهذا ما جعل بطرس الرسول يطلب أن يصنع ثلاث مظال لكي تمتد إقامتهم في هذا المشهد المضيئ والمفرح.
بعد حادثة التجلي، كما نقرأ في انجيل معلمنا يوحنا، أو في البشائر الأربعة بصفة عامة، وربما ذكرها القديس مرقس الرسول في انجيله (مرقس 9: 9) بطريقة مختصرة. عندما تحدث أن إبن الانسان يسلم ويصلب ويموت ويقوم من الاموات. فبدأ التلاميذ يتسائلون: ما هي القيامة من الأموات؟ حدث القيامة، أيها الاحباء، ليس حدثاً ماضيًا في الزمن الماضي. وليس حدثًا تاريخيًا فقط. ليس احتفالنا بالقيامة المجيدة مجرد احتفال يحدث تم في الماضي وانتهى.
القيامة انطلاقة حقيقية للوجود الانساني. انطلاقة الانسان بعد أن صارت الخطية تدهمه وتسقطه وتكون عاقبتها الموت. جاءت القيامة لكيما تنتصر لنقول مع القديس بولس الرسول: أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ (1 كورنثوس 15: 55). قيامة السيد المسيح تختلف تماماً عن كل معجزات القيامة التي أقام فيها اموات، ابن أرملة نايين، أو ابنة يايرس، او اقامة لعازر حتى بعد أربعة أيام من تواجده في القبر. قيامة المسيح تختلف تمامًا لأنها قيامة للوجود الانساني. هي انطلاقة جديدة لحياة الانسان. ويالسعادة من يتمتع بهذه القيامة.
أود أن اقف معكم عند المشاهد الأخيرة للقيامة المشهد الأول، عند الصليب. وهو مشهد كله ألم وحزن وعذابات كثيرة. وكلنا اجتزنا فترة أسبوع الألام بكل ما فيها من قراءات، ونغمات، والحان، ومعرفة وحياة مع المخلص، وعشنا معه ساعة بساعة. كانت محطة الصليب محطة ألم، ولكن هذه المحطة لها نهاية انتهت في القبر. صلب المسيح على الصليب، على عهد بيلاطس البنطي، كما نقول في قانون الإيمان. ثم وضع في قبر جديد لم يوضع فيه أحد من قبل، وصار القبر هو محطة قد تنتهي فيها كل الامال أم محطة ليس فيها رجاء، انها محطة الموت. ورغم أن هذه المحطة لم تظل سوى ثلاثة ايام، ولكنها كانت أيام خوف وأيام فزع وأيام رعب. وعندما نقرأ في البشائر الأربعة، نشعر بهذه المخاوف. حتى التلاميذ أنفسهم كانوا في حالة خوف وهلع شديد. لكن الله لم يتركهم لبالوعة اليأس بل في اليوم الثالث وفي فجر يوم الأحد قام من بين الأموات. والذي ههنا هو السيد المسيح، لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ! (لوقا 24: 6). وعندما نقرأ في انجيل معلمنا يوحنا 20: 20: فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبّ…