عادل نعمان
أنت متهم بهدم ثوابت الدين، والاستهزاء بآيات القرآن الكريم وتحريف معانيها عما وُضعت له عمدًا، وعرض تفسيرات خاطئة لها على أنها صحيحة بهدف إثارة الجدل، وتشويه صورة عالِم الدين الإسلامى وتقديمه فى صورة جاهل، وإسقاط مكانته ومقامه فى المجتمع، وهدم مكانة السنة النبوية الصحيحة فى الأعمال الفنية، وهى ثانى مصادر التشريع الإسلامى بعد القرآن والتطبيق العملى له والتى دل القرآن على أنها وحى من عند الله، وإذكاء الأفكار المتطرفة، وتشويه المفاهيم الدينية والقيم الأخلاقية.. باختصار، إن ما جاء فى هذا البيان المنسوب إلى الأزهر اتهام يقترب من التكفير لصناع مسلسل «فاتن أمل حربى»، ويمكن بالطبع سحب هذه التهم على كل عمل فنى أو مقال أو كتاب أو رأى. ولو خرج من صفوف الشعب أو العوام من نفذ حد القتل سيخرج من الشهود من يؤكد أن «لا قصاص عليه» ولا جريمة تلاحقه، اللهم الافتئات على الحاكم.

فى كتاب (حرمة التكفير ومخاطره) تأليف الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر سابقا، حذر من الحكم على المسلمين بالكفر، حيث لم تترك الشريعة الإسلامية أمر التكفير لأحد أفراد الأمة الإسلامية، ولكن أفردته كشأن من شؤون أولى الأمر أو من ينوب عنهم «القضاة أو المفتين» فى العصر الحالى، وهذا أولا

ويتضمن تعريف مفهوم الكفر فى نفس الكتاب المعتمد من لجنة كبار العلماء فى الأزهر.. وجذوره التاريخية «الجهل بالعلم الشرعى والتأويل الخاطئ للنصوص الشرعية» وهذا ثانيا، ومما سبق فإن هذا البيان وما يحمله من تهم قد جاء من صاحب الولاية، وصادر من صاحب الحق فى توجيه هذه التهمة لمن يشاء من عباد الله، وقد جاء هذا البيان وما حمله من تهم وذنوب وآثام متطابقا مع تهمة التكفير التى حملها الكتاب، بل زاد وغطى وطفح عليه، ولو وزعت على كل الكتاب والمثقفين تكفى وتفيض، ويبقى منها لاتهام غيرهم لسنوات قادمة.

وما كان واجبا على السادة الأفاضل الذين أصدروا هذا البيان عن الأزهر الشريف «أعتقد أنه قد مر دون تمحيص»، إلا أن ينظروا بعين الرحمة والرأفة لما تعانيه المرأة من تعنت وظلم وجور وحرمان ومرمطة فى المحاكم للحصول على أبسط حقوقها وحقوق أولادها ليعيشوا عيشة كريمة.. وبدلا من دعوة أصحاب الشأن لفض هذا الاشتباك بين سلطة تنفيذ الشرع والفهم القاصر لمقاصد التشريع وبين احتياجات الناس والبحث عن مخرج لكل هذه المعاناة، يلاحقون من يصرخ ويتألم، حتى لو كان هذا الألم معجونا بمرار أو وجع تتجرعه النساء المظلومات ويرفعن أيديهن اعتراضا على ما خرج به الفقهاء، ويطالبن بقانون وضعى يرفع هذا الظلم عنهن وعن أولادهن، وهو الهدف من مقاصد الشريعة، وما يجب أن تكون إلا رحمة للعالمين.

إلا أن ما احتاج إلى بيانه، أن الرأى القائل بأن السنة كانت وحيا، له ما يناقضه ويختلف معه فى أن السنة ليست وحيا، ولكلٍّ حجته، وأنا أميل للرأى الثانى.. خذ مثلا: ماذا لو تم الطعن فى حديث أو مروية.. أيكون الطعن فى الوحى ذاته، كرد السيدة عائشة حديث أبى هريرة الشؤم فى ثلاثة، وكذلك حديث عذاب من فى القبر لبكاء أهله عليه، وغيرهما؟.. وماذا عن بعض الأحاديث التى تناقض العقل والعلم وأقرب إلى الخرافة والأساطير عن طول سيدنا آدم أكثر من ثلاثين مترا، وأن البرص «الوزغ» قد كان ينفخ فى النار فى حرق سيدنا إبراهيم ويؤجر قاتله، وإن الطعام واللحم لم يفسدا قبل موسى عليه السلام، وحديث عمرو بن ميمون عن زنى القردة، وحديث الشؤم فى ثلاثة وقطع الصلاة وغيرها الكثير؟، وماذا عن الإسرائيليات وأحاديث الوضاعين الذين كانوا يتباهون ويتفاخرون بـ (أنهم لا يكذبون عن رسول الله بل يكذبون لرسول الله)، وكذلك ما جاء عن سيرة الرسول فى البخارى وسحره وإقدامه على الانتحار.. والكثير لا داعى لذكره ويتناقض من مقام وصفات ومكانة النبوة؟!.

أما فيما يستند إليه أصحاب رأى «السنة وحى» من بعض الآيات مثل «والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى، عَلَّمه شديد القوى»، فهذا الاستدلال باطل، كل الآيات على هذا النحو تتحدث عن الوحى القرآنى، ويؤكد هذا ما ذهب إليه بعض العلماء عن أن الرسول يبلغ عن الله ما يوحى إليه قرآنا فقط، وآية «إن أنت إلا نذير»، وآية «فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا. إن عليك إلا البلاغ»، والآية «ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون».

وقد كان الرسول ينتظر الرد من الله إذا سئل وكان يقاسى فى هذا الكثير حين يتأخر فى مسألة من المسائل، وما كان من «عند رسول الله وليس وحيا من عند الله»، فقد كان يتساهل أو يتراجع فيه، فقد نهى عن زيارة القبور وعاد فيها، وحرّم أكل لحوم الأضاحى بعد ثلاثة أيام وتراجع أيضا عنها، ثم ماذا عن «صحيح بن سلمان» القادم والأحاديث المتواترة ولا تزيد على مائة حديث فقط، هل هو طعن فى الوحى أم إنكار لما ترك منه؟!!.

الدولة المدنية هى الحل
نقلا عن المصرى اليوم