بعد أوكرانيا '>نجاح أوكرانيا في صد الهجوم الروسي شمالي البلاد، غيّر الغرب استراتيجيته في أوكرانيا عبر دعم لا محدود، سواء عن طريق التضامن بزيارات عدة للزعماء والقادة أو المساعدات العسكرية بأسلحة ثقيلة ولوجستيات، تمكن المقاومة شرق البلاد من الصمود بوجه الجيش الروسي.

 
وعادت الحياة الدبلوماسية إلى العاصمة الأوكرانية كييف، إذ أعلنت الولايات المتحدة اعتزامها عودة الدبلوماسيين الأميركيين إلى كييف هذا الأسبوع، وهو ما اعتبره محللون "يظهر مستوى الثقة لدى الغرب بأن أوكرانيا تسيطر تمامًا على معظم شمال البلاد وغربها".
 
وخلال الأيام الماضية، أعادت ما لا يقل عن 17 دولة دبلوماسييها إلى كييف، معظمهم أعضاء بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذين يدعمون أوكرانيا في الحرب ضد روسيا التي بدأت قبل شهرين.
 
ووفق مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإن عودة الدبلوماسيين الأجانب توضح أن هناك بعض مظاهر الأمان في العاصمة الأوكرانية وتصويتًا بالثقة على أن العملية الروسية في المدينة ربما انتهت في الوقت الراهن على الأقل.
 
وأكدت المجلة على أن "عودة سفراء الدول الحليفة لأوكرانيا تعد انتصارًا رمزيًّا لكييف وإظهارًا للتضامن من أصدقائها في أوروبا، الذين قدموا للحكومة الأوكرانية الدعم الاقتصادي والمساعدات العسكرية لمساعدتهم في التصدي لموسكو".
 
ثقة غربية
وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية الدولية، ميتشل بيلفر، إن "عودة الدبلوماسيين إلى كييف تظهر مستوى الثقة لدى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بأن أوكرانيا ستنتصر في الحرب في معظم شمال البلاد وغربها".
 
وأضاف بيلفر، وهو مدير مركز المعلومات الخليجي الأوروبي في روما، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية": "رغم أن الحرب ستستمر في الشرق وأجزاء كبيرة من الجنوب فإن التحالف الغربي يشعر بالثقة الكافية بأن كييف آمنة، وهو ما دللت عليه أيضًا زيارات القادة الغربيين خلال الآونة الأخيرة".
 
واستبعد أن يكون الغرب بهذه الخطوة يضغط على روسيا، قائلًا: "لا أعتقد بأن روسيا تتعرض لضغوط لوقف الحرب من خلال عودة الدبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين إلى كييف، ولا أعتقد بأن الكثير يمكن أن يردع الروس في هذه المرحلة، لكن من الواضح أن الحرب تحولت شرقًا".
 
وحول إمكانية استهداف روسيا سفارات الدول الغربية، أكد المحلل السياسي على أن "الأمر وارد أن تصاب السفارات الأجنبية بحوادث لكن عادة ما يؤدي ذلك إلى إحراج أكبر للمعتدي، ولا أعتقد بأن روسيا ستضرب عمدًا السفارات الأجنبية في أوكرانيا".
 
وعن مستقبل الأزمة الراهنة، قال بيلفر إن "الحرب لم تنتهِ بعد. روسيا باتت تواجه تحالفًا موحدًا وحازمًا بصراحة أكبر مما واجهته في هذا الصراع، وأعتقد بأن إحدى النتائج غير المقصودة هي أن دولًا مثل سويسرا والسويد وفنلندا أظهرت أيضًا أنها تدعم التحالف الغربي بدلًا من حيادها".
 
وأشار إلى أن "الشيء الثاني الذي يجب تذكره هو حقيقة أن أوكرانيا أكدت سيادتها، ولا يمكن لأي حجة أو غزو عكس ذلك أن يقوض ما أصبح الآن بوضوح دولة ذات هوية وطنية. أنشأت روسيا آلية لتطوير هوية وطنية أوكرانية فريدة ذات ذاكرة مشتركة".
 
سفيرة أميركية جديدة
خلال زيارة وزيرَي الخارجيّة والدفاع أنتوني بلينكن ولويد أوستن إلى كييف، الأحد، والتي تعد أوّل زيارة لمسؤولين أميركيين إلى أوكرانيا منذ بدء العملية الروسية ضد أوكرانيا، أعلنا عودة الدبلوماسيين إلى كييف.
 
كما أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، نيته ترشيح الدبلوماسية الأميركية المخضرمة، بريدجيت برينك، للعمل كسفيرة فوق العادة، ومفوضة لأوكرانيا، وهو المنصب الذي ظل شاغرًا لأكثر من عامين، حسب بيان للبيت الأبيض.
 
ومن بين الدول التي أعلنت عودة دبلوماسييها إلى كييف وفتح سفاراتها من جديد فرنسا وإيطاليا وتركيا وليتوانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وجمهورية التشيك والبرتغال وبلجيكا والنمسا، كما أعاد الاتحاد الأوروبي فتح بعثاته الدبلوماسية في كييف هذا الشهر.
 
وخلال زيارته للهند، أعلن أيضًا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عزم بلاده إعادة فتح سفارتها في العاصمة الأوكرانية.
 
وقبيل الأزمة الحالية، سحبت العديد من الدول جزءًا من موظفي سفاراتها في كييف وعائلاتهم على خلفية إمكانية تفاقم محتمل للوضع في أوكرانيا، ونقلت بعضهم إلى مدينة لفيف غربي البلاد، بينما عاد الغالبية لبلادهم، بينما كان يعمل الدبلوماسيون الأميركيون من مدينة رزيسو البولندية.
 
وفي إشارة أخرى إلى استقرار الأوضاع في العاصمة الأوكرانية، أجرى العديد من كبار المسؤولين الأوروبيين والأميركيين عدة زيارات إلى كييف خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورؤساء بولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وكانت زيارة وزيري دفاع وخارجية أميركا هي الأخيرة.