هاني لبيب
عندى قناعة شخصية.. ترسخت على مر السنوات ومع خبرات التعامل في الحياة بأن الإنسانية الحقيقية تتجسد في «الله محبة» و«الدين معاملة».
«الله محبة» بمعنى الحب للجميع دون استثناء أو استبعاد أو إقصاء أو تهميش.. فالحب الحقيقى يضمن لصاحبه اكتساب منظومة متكاملة من القيم على غرار: الستر والفرح والخير والسعادة وتقبل الواقع، والقدرة على التواضع ورفض الخوف والحقد والحسد، ومواجهة الازدواجية بين ما نُبطنه وما نُظهره. وهو ما يساعد الإنسان على أن يتّسق مع ذاته، ويعيش حياته برضا مهما كانت المشكلات والصعوبات والتحديات، وبعيدًا عن مشاعر رفض الواقع والسخط عليه.. دون أي محاولة حقيقية لتقبُّله والتعامل معه ومحاولة تغييره.
الحب الحقيقى يمثل كمال الصفات للقيم والمبادئ والمثل العليا.. فهو الحق الذي لا يسقط أبدًا في مسيرة العلاقات الإنسانية.. فهو الصفة الأكثر روعة التي يتسم بها كل إنسان حقيقى.
أما «الدين معاملة» فهى تعنى ببساطة أن القيم الإنسانية في تعاملات الحياة اليومية.. هي معيار الضمير الإنسانى.. لأن حقيقة الدين تُختبر في حسن المعاملة من خلال أخلاقيات السلوك الإنسانى للدرجة التي جعلت بعض المفكرين يكتبون أن «الدين معاملة» قبل أن يكون عبادة.. على اعتبار أن الخط الفاصل للاختبار والاختيار بين الخير والشر.. يرتكز في معاملات الحياة اليومية للبشر جميعًا.
«الدين معاملة» يعنى التسامح والصفح وافتراض حسن النية في التعاملات الإنسانية، واستبعاد سوء النية ونظرية المؤامرة.. ذلك الصدام الذي يظهر عند أول خلاف، والذى يمكن أن يتحول إلى قطيعة أو يمكن أن يكون نقطة انطلاق لمساحات مشتركة جديدة.. تحترم الاختلاف وتقدره.
وترتبط بمفهوم «الدين معاملة» قاعدة أساسية ملخصها «عامل الناس.. كما تحب أن يعاملوك».. فالمعاملات الحسنة هي التي تجعلك تكسب قلوب الآخرين من خلال الكلمات الطيبة الحقيقية، والاهتمام الفعلى، والالتزام المنضبط، وحتى لا يصدمك الواقع.
في تقديرى.. «الله محبة» و«الدين معاملة».. يمثلان معًا وجهين لعملة واحدة هي جوهر الإنسان الحقيقى، ولذا لا يمكن فصلهما أو تقسيمهما حسب الأهواء، وهما معًا يمثلان الاختبار العملى لبصيرة الإنسان بنقاء قلبه وصفاء مشاعره.. تلك البصيرة التي تضفى على صاحبها الحكمة في التصرف والخبرة في إصدار الأحكام.
«الله محبة» و«الدين معاملة».. ترسخ عند صاحبها قناعة بألّا يتوقع من الآخرين أن يكونوا دائمًا معتنقين سلوكه الإنسانى والأخلاقى.. فدائمًا ما يكون هناك فرق شاسع بين أخلاق البشر نظريًّا وأخلاقهم عمليًّا على المستوى النفسى والسلوكى.
«الله محبة» و«الدين معاملة».. كلمات بسيطة يمثل مضمونها ومحتواها خلاصة العلاقات الإنسانية، التي تراجعت لصالح المشاعر الديجيتال الافتراضية والوهمية على مواقع التواصل الاجتماعى.
نقطة ومن أول السطر..
الحب الحقيقى في الشخص الذي يرى حزنك.. مصيبة، ويعتبر فرحك وسعادتك.. مسؤوليته الشخصية، ويؤمن أن احتواءك هو التزام في علاقته بك.
نقلا عن المصري اليوم