سحر الجعارة
ليه تبقى «آدم» لما ممكن تبقى «زين ثابت»؟.. يبدو «آدم»، الفنان أحمد داود، هو الجناح الأضعف: شاب يتيم، لم يتم تعليمه، تعثر فى الحياة وشرد مستغلاً «موهبته الفذة» فى أعمال غير قانونية.. نقطة ضعفه البحث عن صدر حنون «ستو أو حبيبته».. إنه كما يواجهه زين: «أنا زهقت من مشاعرك وألمك وضعفك».

أما «زين»، النجم آسر ياسين، فيجسد نموذج الرجل الخارق: مغرور، أنانى، نرجسى، ذكى، عنيد فى المنافسة، لا يقبل الهزيمة.. يكاد وجهه يخلو من المشاعر. يغضب بحياد ويثور بكلمات باردة ويعشق بجفاء (أمراض الكبرياء).. لكن الغرور مجرد غطاء يقيه شر اختراقه، كل هذه المكابرة حتى لا يظهر وحيداً أو يكشف ألمه، «إنه الداعم» الذى لا يقبل الدعم النفسى والمعنوى من أحد.. إنه «القائد» رغم أنه تحت قيادة «فريدة المسيرى» تخفى عنه بعض أسرار مكتب المحاماة الذى تملكه لكنه يحارب بسيفها وينصرها فى كل معاركها بالضربة القاضية.. نحن فى مباراة ساخنة جداً لفن الأداء فى مسلسل «سوتس SUITS» النسخة العربى من المسلسل الأمريكى الشهير.

دون أدنى افتعال أو مبالغة فى استعراض المشاعر والأحاسيس، يدور الصراع داخل مكتب المحاماة الشهير الذى يشتبك مع دراما الواقع الإنسانية أحياناً وغالباً يكون المكتب ذاته هو التجسيد للصراع على النفوذ والمصلحة والثروة التى تصب فى النهاية فى حساب «فريدة»، الفنانة صبا مبارك.

تبدو «فريدة» من فرط المسئولية والالتزام كأنها بلا قلب. لا تعرف شيئاً عن حياتها الشخصية إلا عندما يظهر زوجها السابق طرفاً فى قضية، إنها كما يلخصها «زين» فى عبارة «اضرب يا مسيرى» تقبل الشراكة شريطة أن تحتفظ بالقيادة وحدها.

وكأن عدوى «وجه المقامر» الذى يخلو من أية تعبيرات عن الحزن أو الحب أو الصدمة انتقل إلى المكتب كله: يعشقون فى صمت، يغضبون بنظرة لوم، طموحهم لا يعطلهم عن مشاكسة الآخرين.. مشاعرهم مؤجلة إلى جلسة لم يتحدد موعدها.. قدرى الزيات «الفنان محمد شاهين» هو صاحب الصوت المرتفع دائماً يعطى أوامره بحدة لفريق المحامين، قمّاص، ودود، يسهل اقتياده إلى فخ لأن بداخله «طفلاً».. «كينج كدرى» يبكى قطه «بطوط» ويعشق الشيكولاتة. تكسب قلبه بكلمة واحدة.

«كاميليا» دينامو المكتب، تحب «زين» فى صمت، تقرأه دائماً بوضوح، هو بالنسبة إليها «شفاف» مثل كتاب قرأته ألف مرة، إنها تتنبأ بردود فعله وقراراته.. مشروع الحب الفاشل تحول إلى صديقة بعقل عاشقة.. إنها الفنانة «ريم مصطفى» التى تحيّد نفسها لتجسد «كاميليا».. لدرجة أنك تشعر بأنها نفسها هى تمثال الشمع الجميل الذى لا يبكى إلا إذا احترق.

«ليلى» هى الخليط الواضح من «آدم» رغم أنها عكسه تماماً، إنها ابنة محامٍ مشهور تخفى حقيقتها لتبدأ المهنة من الصفر.. مشاعرها فياضة، واضحة جداً وصادقة فى طرح إخفاقاتها أو حبها.. ارتباطها بآدم لا يخضع لحسابات، إنها «جوجل المكتب» التى تصطدم كثيراً وتصمد طويلاً.. جسّدتها الفنانة «تارا عماد».

فى قلب ديكور مبهر وزوايا تصوير ذكية، ستتكرر لقطة لأبطال العمل «من الخلف»، الدراما هى البطل والموسيقى التصويرية تُكمل لك زاوية الرؤية.. الفورمات أمريكية، أما السيناريو والحوار فلمحمد حفظى وياسر عبدالحميد وإخراج: عصام عبدالحميد.

«سوتس» لا يعالج قضايا أمريكية.. إنه «نحن» من مختلف الزوايا فى لحظات الضعف والألم والهزيمة أمام شر ودهاء شريف زيدان «مصطفى درويش».. أو فى لحظات وحدة حين نترك خلفنا كل مباهج الحياة ونودع ألوانها الصاخبة وناسها وصراعاتها، وتبقى فى يد «زين» «هارمونيكا» يعزف عليها أمام مقبرة والده.. وحين يعود إلى المكتب تكون أقصى مواساة له «ضغطة» من كف «فريدة» على ذراعه.
نقلا عن الوطن