سليمان شفيق
لازالت "سلفية الدولة العميقة" تسيطر على معظم القرى، ورغم ثورة 30 يونيو العظيمة إلا أن المتشددين لازالوا يهيمنون على الفكر العام في نواحٍ كثيرة؛ فمن اغتيال القس ارسانيوس بالإسكندرية "معقل الفتاوى السلفية" إلى محلات الطعام التي كانت ترفض تقديم الطعام للمسيحيين طوال شهر رمضان، إلى عربات مترو السيدات التي كانت السيدات المتشددات يضربن الراكبات غير المحجبات، وصولا إلى السيدة نيفين صبحي التي صفعها صيدلي وعضو مجلس نقابة الصيادلة في المنوفية، وللأسف فرض حل عرفي على الكنيسة وتم أخذ صورة توحي بأن سيدة أشمون التي صفعها الصيدلي لابد أن تشعر بالانكسار لماذا؟ تخيلوا أن بيان وزارة الداخلية حول الحادث مشكورين كتبوا: "في إطار جهود وزارة الداخلية لكشف حقيقة ما تم تداوله على موقع "فيس بوك" والزعم بأنها تعرضت هي وأسرتها لضغوط داخل قسم الشرطة لإجبارهم على الصلح.....
بالفحص تبين: بتضررها من صيدلي للتعليق على قيامها بوضع مساحيق تجميل على وجهها مما يعرضها للحسد"؟ ومع احترامي لوزارة الداخلية فمن حق السيدة أن تشعر بالانكسار إذا كان الأمر كذلك؟ طبعاً الذي حدث أن الأقباط أقلية ضعيفة في هذه القرية وتم التدخل من قبل أعضاء مجلس النواب وكبار العائلات وأسقف الإيبارشية والكهنة من أجل إنهاء الموقف حرصا على سلامة الأسرة والكنيسة وتم عمل جلسة عرفية حولت الصقعة إلى "خوف عليها من الصيدلي من الحسد"،؟!! والباقية معروفة، تم إقصاء القانون وأحكام لغة الأقوياء على الضعفاء.
إذن من حق السيدة أن تشعر بالانكسار لأن المجلس القومي للمرأة ومنظمات حقوق الإنسان لم ينصفوها على من يطبقون قانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ناهيك عن أن النشطاء إياهم مشغولين هذه الأيام بمعارك جانبية صغيرة. وطبعا السادة وزير الداخلية رفعت له تقارير "الحسد" من مرؤوسيه ولم يبقَ سوى الرئيس عبد الفتاح السيسي لكي يعلم أن ما ينادي به للجمهورية الثالثة في خطر لأن دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذين تم إيقاف عملهم في السعودية يمارسون عملهم في مصر.. وأن هناك تواطؤ معلن ضد هذه السيدة جعلها تشعر بالانكسار.
ترى كيف ندخل يا سيادة الرئيس على الجمهورية الجديدة في ظل إهانة النساء عموما والمسيحيات خصوصا؟ وهل سوف يشارك دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحوار الوطني؟ خاصة وأن لهم حزب ديني ونواب في البرلمان ومشايخ معروفين بالاسم ويفتون بإهانة الأقباط والنساء ولم يتم محاسبة أي منهم؟ سيادة الرئيس لن ينجح أي حوار في ظل الجلسات العرفية وفرضها من المتشددين على الأقباط، ودون إعمال القانون وتواطؤ جهات مع المعتدين.
أتمنى أن يأمر النائب العام بتحريك تلك الدعوى إلى النيابة العامة لأن الصلح العرفي لا يغني عن حق الدولة وتطبيق القانون وحماية السيدة نيفين من الإجبار على قبول الصلح المهين "كما يظهر في الصورة" وأتمنى من الجهات الأمنية السيادية التحقيق في تحريات "الحسد" وحتى يحدث ذلك اعتذر للسيدة نيفين وأؤكد لها أن الصفعة لم توجه لكي بل إلى القانون وأوجه كل من تواطؤ مع المعتدي، وأيضا إلى وجوه النواب الذين إما صمتوا أو شاركوا في حماية المعتدي بالصلح المهين.
ستظل صفعة المعتدي تؤلمنا جميعا حتى تتم محاسبته. فعلا شيء يوجع القلب حفظ الله مصر والرئيس فيما هو قادم.