بقلم : أشرف ونيس
لم يكن ارتداء عباءة الغير بغير حق هو سمة من سمات الكمال ، بل سيظل جلباب النقص متدثرا به من توارى فى شخص غيره عن دون إرادة منه ! و هل فى إخفاء واقع النفس عن النفس شيء من الحقيقة ؟ لا ؛ بل ستبقى الذات الإنسانية الى ابد الدهر تائهة بلا مقصد لها طالما ابتغت المكوث فى عنوان غير عنوانها و مسكن غير مسكنها !!!!

إن ثقتنا بأنفسنا و اكتفاءنا بما نحن عليه لم يكن فى وقت من الأوقات فى حاجة الى العيش فى كنف آخر  وان كان ظلاً له ، بل الابتلاء الى تطلع ذواتنا بأن تكون الغير فيه من الحماقة ما يجعل قيمتنا بلا ثمن فى نظر انفسنا متى رجع الينا عقلنا و إرادتنا ، و قبل الكل فى كوننا من نحن بالنسبة للآخرين أو بالأحرى نظرتهم لنا .

فسيبقى الصراع حليفا لدواخلنا متى كان نهجنا هو نهج التقمص و التقليد ، فنفس الإنسان الحقيقية تتجلى متى اختلى ذلك الإنسان الى نفسه ، و يقينا ستصارع و تقاتل تلك النفس من احتل و سلب مكانتها و مكانها بباطن الشخص ، و هكذا يمسى الإنسان صريعا بين كيانين ؛ ما جبل و نشأ عليه ، و ما تاق له و ابتغاه ، فشتان بين أنفسنا و بين ما نرتئى كونه ، فالغوص فى جلباب الآخر أيا كان ذلك الآخر يفقدنا جوهرنا و الظهور فى جوهر و هو ليس لنا ....... ، فإن كان جوهر الاشخاص و لبهم هو المعبر عنهم ؛ فأين إذن ما يعبر عنا و عن وجودنا إن كان الافتعال هو دربنا و مسلكنا فى ذى الحياة ؟ ففراغ الحياة و حياة الفراغ ستصدم كل من اعتلى عرش الآخر مهما كان ذلك الاخر بكل ما به و له و فيه أيضاً .

لكن ليس فقط الصراع دون سواه هو ما يفترس نفس الغائب فى الاخرين ، بل ان ثمة شيء لا أخلاقى يتسيد قلوبنا متى تشبهنا و تماثلنا بسوانا ، فإن الاختيال و التباهى بما ليس لنا و منا يعدو اختلاسًا - وإن كانت تتعدد و تتشكل شتى أنواع الاختلاس و التعدى على حقوق الآخرين - لكن استعمال ما ليس لنا يعطى لا مشروعية فى استخدامنا له ، و على قدر استحسان البعض لمن يتمثل بهم على قدر استهجان البعض الآخر لذلك العمل و تلك الفعلة ، لما فيها من انتهاك و تجاوز ل ماهية الآخر المتمثلة فى ذاته ، كما فيه استعداء و تعدٍ ل هويته و كيانه المتمثل فى وجوده .

فما اكرم حياة الاقتصار بما نحن عليه ، و ما أغنى العيش بين طيات الاكتفاء و ثنايا الشبع و القناعة ، فمن بحث عن سعادته بالاستقلال عن ما يحتويه ذاته بات الخواء و اللاشيء مآله و قصده فى ذى الحياة - سواء رضى بذلك ام عارضه ، سواء بارك ذلك أم رفضه - فامتداد الايدى للحصول على ما لا حق لنا فيه هى بئر تنضب بمياهها و لن تزداد إلا نضوبًا و قحولاً و جفافًا و ذلك كلما رشفنا و ارتشفنا شيئا و بعضا من قطراته اللاذعة و المريرة .