لا شك أن للبصل مميزات ومنافع كثيرة، ولكن هل يمتص يا ترى الإنفلونزا من الجو؟!
فمنذ سنوات تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات تنصح بوضع بصل مقطع في غرف المنزل للوقاية من الإصابة بالإنفلونزا، وتعود تلك النصائح بانتظام لتطفو إلى السطح بين الفينة والأخرى.
عدوى فيروسية
إلا أنها لا تستند إلى أي خلفية علمية، لاسيما أنها لا تميّز بين البكتيريا والفيروس.
فالإنفلونزا هي عدوى فيروسية يسببها أحد الفيروسات وليست عدوى بكتيرية.
كما تنتشر عن طريق الرذاذ الحاوي للفيروسات في الهواء بين الأشخاص القريبين من بعضهم بعضاً، كما يمكن أن تنتشر عن طريق الأيدي الملوثة بالفيروس، بحسب ما أفادت فرانس برس.
"مغناطيس" للجراثيم؟
كذلك انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار مضللة كثيرة عن البصل، ما دفع مواقع عدة إلى نشر نفي لها بالاستناد إلى آراء خبراء.
فموقع بوليتيفاكت أشار إلى مقال نشره عام 2017 مدير قسم العلوم والمجتمع في جامعة ماكجيل جو شوارز نفى فيه أن يكون البصل مغناطيساً للجراثيم مستنداً إلى أدلة علمية واضحة.
وقال شوارز: "لا يعتبر البصل بيئة حاضنة للجراثيم، بل العكس تماماً، فالبصل يحتوي على مركبات الكبريت التي تحارب الجراثيم عادة، أي أنها لا تمتصها".
كما أوضح في مقاله أن "تقطيع البصل يطلق أنزيمات تقف وراء تفاعل كيميائي يولّد حمض بروبان السولفونيك الذي يتفكك بدوره لينتج عنه حمض الكبريت. وحمض الكبريت هو الذي يسبب الدموع لدى تقطيع البصل. وهو الذي يكبح نمو البكتيريا".
كذلك شرح أنه "عند تقطيع البصل يجف سطحه مباشرة ما يقلص نسبة الرطوبة التي تحتاجها البكتيريا للنمو. كما أن نمو البكتيريا يحتاج بدوره إلى مصدر. فقد يتلوث البصل مثلاً من الأسطح أو الأيدي المتسخة ولكن ليس من البكتيريا المتواجدة في الجو".
بيئة مؤاتية لتكاثر البكتيريا
ومما لا شك فيه أن بعض المأكولات تشكل بيئة مؤاتية لتكاثر البكتيريا إن لم تُعامل بطريقة مناسبة، غير أنها لا تشكل بنفسها "مغناطيساً يجذب البكتيريا".
وقالت أخصائية التغذية شانتال حنا لفرانس برس إن "الخضار والفاكهة آمنة إلى حد ما وليست بيئة حاضنة للبكتيريا إلا إن تعرضت لعوامل ملوثة من مصدرها، كريّها بمياه ملوثة وعدم غسلها جيداً قبل استهلاكها، أو إن قطعت على نفس لوح تقطيع اللحوم واستهلكت دون طهيها على حرارة مرتفعة".
كما أضافت أن "أكثر المأكولات التي قد تشكل بيئة مؤاتية لنمو الجراثيم هي تلك التي تحتوي على نسبة عالية من البروتينات كاللحوم على أنواعها والبيض الأجبان…"، وهذه ليست حال البصل.
وكانت جمعية منتجي وتجار وموزعي البصل الأميركية قد نشرت على موقعها نفياً للشائعة التي تدعي أن البصل يقي من الإنفلونزا. كما تنفي كل الخرافات التي تتعلق بالبصل عبر موقعها الرسمي.
يصبح ساماً؟
كذلك ذهبت المنشورات المضللة أيضاً للقول إن أكل البصل يصبح ساماً ويتسبب بأمراض معوية بسبب امتصاصه للبكتيريا.
لكن هذا الادعاء خطأ بدوره ولا أساس له من الناحية العلمية.
فقد قال زافييه كومول أستاذ الكيمياء الحيوية وعلم السموم في جامعة باريس لفرانس برس: "لا علم لدي بأي حالة تسمم نتجت عن البصل نفسه ولم أسمع يوماً بمثل هذه الحالات في الجمعية الفرنسية للتغذية (…) يبدو الأمر مستبعداً للغاية بالنسبة لي".
"لا دليل"
أما الأستاذة في علم العقاقير في جامعة باريس سيلفي ميشال فقدمت جواباً حاسماً بالقول إنها قامت ببحث و"لا يوجد أي دليل علمي يثبت أن البصل يصبح ساماً بعد تقطيعه".
وفصّلت ميشال: "لا يوجد نوع محدد من البكتيريا" يضرب البصل المقطع، مضيفة أنها كغيرها من الناس غالباً ما تترك البصل مقطعاً لاستخدامه في الطعام في اليوم التالي.
فيما قالت الجمعية الفرنسية للخضار والفاكهة الطازجة إنه "يمكننا أن نؤكد أن هذه المعلومات خطأ".
"خرافات شائعة"
من جهة أخرى، نشرت جمعية منتجي وتجار وموزعي البصل الأميركية بياناً حول هذا الموضوع وصنفت الادعاءات حول سمية البصل بعد تقطيعه في صدارة "الخرافات الشائعة" حول الخضار والفاكهة.
وقالت إن "التعاطي مع البصل بشكل صحيح لا يجعل منه مادة سامة، ويمكن الاحتفاظ به في الثلاجة في مستوعب ضغط حتى 7 أيام".