محرر الأقباط متحدون
"أدعوكم لكي تستقوا مجدّدًا من عُصارة التطويبات، لكي تحملوا بوداعة وبساطة، البُشرى السارة للفقراء والأخيرين في عالم اليوم" .هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في المجمع العام لرهبانية القديس كاميلو دي ليلّيس
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في قاعة الكونسيستوار في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في المجمع العام لرهبانية القديس كاميلو دي ليلّيس وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد وضعتم في محور تأمُّلكم في هذه الأيام موضوع: "ما هي نبوءة القديس كاميلو دي ليلّيس اليوم؟". إذ تحرِّككم النعمة الخاصة للمجمع العام – إذا عشتموه جيدًا في الاصغاء إلى الروح القدس والإخوة والتاريخ – تقترحون على أنفسكم أن تجدوا دروبًا جديدة للبشارة والقرب، لكي تحققوا بأمانة ديناميكيّة موهبتكم التي تضعكم في خدمة المرضى. لقد شعر القديس كاميلو دي ليليس، إذ حوّلته محبة الله، بالدعوة لكي يعطي الحياة لعائلة رهبانيّة جديدة تعيش، من خلال التشبّه بشفقة يسوع وحنانه تجاه الذين يتألّمون في الجسد والروح، وصية المحبة وتنشر بفرح إعلان الإنجيل وتعتني بالأشخاص الأكثر هشاشة.
تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ زمننا مطبوع بفردية ولامبالاة يولِّدان العزلة ويسببان التهميش للعديد من الأرواح. لكنَّ الجواب المسيحي لا يكمن في الملاحظة المستسلمة للحاضر أو في ندم الماضي المليء بالحنين، وإنما في المحبة التي، وإذ تُحرِّكها الثقة في العناية الإلهية، تعرف كيف تحب زمنها وتشهد بتواضع للإنجيل. هذا ما حققه مؤسسكم، وهو أحد القديسين الذين يجسدون بأفضل شكل أسلوب السامري الصالح، بالاقتراب من الأخ الجريح الملقى على الطريق. في خيار الحياة هذا تكمن نقطة التحول للخروج من ظلال عالم مغلق وولادة عالم منفتح. إليكم، أيها الإخوة، عطية ومهمة أن تستلهِموا منه لكي تنظروا إلى واقع المعاناة والمرض والموت بعيني يسوع. وهكذا ستجعلون من نبوءة القديس كاميلو دي ليلّيس، نبوءة متجسِّدة، تجتهد لكي تأخذ على عاتقها أثقال وجراح وقلق الإخوة والأخوات الأكثر ضعفًا. وهذا الأمر يتطلب انفتاحاً مطيعاً على الروح القدس، الذي هو روح كل ديناميكية رسولية، ويتطلب أيضًا جرعة معيّنة من الشجاعة لكي تكتشفوا دروبًا غير مُستكشفة وتسيرون فيها معًا أو تعبّروا عن الإمكانيات الجديدة لموهبة وخدمة رهبانية القديس كاميلو دي ليلّيس.
أضاف الأب الأقدس يقول يبدو لي أن هذا الأسلوب لحياتكم ورسالتكم، المكرَّسة بشكل خاص لخدمة المرضى والضعفاء والمسنين، يجمع بين بُعدين أساسيين للحياة المسيحية: من ناحية، الرغبة في شهادة منفتحة وملموسة تجاه الآخرين، ومن ناحية أخرى، الحاجة إلى فهم ذواتكم بحسب قواعد الصِغَر الإنجيلي. لذلك أدعوكم لكي تستقوا مجدّدًا من عُصارة التطويبات، لكي تحملوا بوداعة وبساطة، البُشرى السارة للفقراء والأخيرين في عالم اليوم. كما أتمنى أن تُشجّعوا بعضكم بعضًا في الثقة بأن الخير الممنوح لأخت أو أخ يتألم هو عطيّة نقدّمها ليسوع نفسه، وأن ما يُعاش ويُقدم كل يوم بفرح، حتى ولو كان غير مرئي لأعين العالم، لا يضيع أبدًا، وإنما مثل البذرة التي سقطت في الأرض، ينبت ويحمل ثمارًا. ولا تهملوا الحفاظ على ذكرى الحب الأول الذي حاز به يسوع على قلوبكم، لكي تجدّدوا على الدوام جذور خياركم للحياة المكرسة. وفي خُطى الاهتمام المبدع للقديس كاميلو، أشجعكم على التعاون مع الروح القدس في البحث عن جميع السبل لكي تعيشوا موهبة الرحمة، وتُثمِّنوا أيضًا بجميع الأساليب الملائمة التعاون مع العلمانيين، ولا سيما مع العاملين الصحيين. وعززوا بين بعضكم البعض ومع الجميع تنمية روحانية الشركة التي ستساعدكم لكي تميّزوا ما يريده الرب منكم بشكل أفضل.
وخلص البابا فرنسيس إلى القول أيها الإخوة الأعزاء، أريد قبل كل شيء أن أشكركم على من أنتم وعلى ما تقومون به في الكنيسة. إذا أردنا أن نقدم للناس "مستشفى ميدانيًا" جيداً، حيث يمكن للذين جُرِحوا أن يلتقوا بالمسيح ويشعروا بقربه وحنانه، وإذا أردنا ذلك، لا يمكننا أن نستغني عن موهبة القديس كاميلو دي ليليس. إن الأمر متروك لكم لكي تعطوا أيديكم وأقدامكم وعقولكم وقلوبكم لعطيّة الله هذه، لكي تستمر في إثارة أعمال الله في زمننا. ليبارك الرب أعمال مجمعكم بوفرة، ولترافق العذراء مريم مسيرتكم على الدوام ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.