محرر الأقباط متحدون
قال الكاتب والمفكر أحمد علام، إن أروع ما فى محاكمة قاتل القس الشهيد أرسانيوس ليس تحويله للمفتى تمهيدا لإعدامه، ولكن عدم إطمئنان المحكمة ولا النيابة للتحريات والشاهد، فجعلت منطوق الجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، فعملية القتل ليست وليدة اللحظة فحسب؛ بل نتيجة سنوات من تجرع فكرا إنسانيا مخالفا للضمير والقلب والإنسانية.
وعرض "علام" عبر حسابه علي فيسبوك، جزء من مرافعة أحد محاميي الشهيد القس أرسانيوس وديد وهو الأستاذ أحمد جمعه:
سيادة القاضى
إن آخر ما قام به المجنى عليه الاب ارسانيوس بعد أن جلس مع أحبائه هو ان تصدق على رجلا لا يعرفه و لم يسـأله عن هويته ولا عن دينه بينما المجرم قتل الكاهن على دينه
فلتذهب روحه الى السماء
ولتذهب انت ايها القاتل الى الجحيم
فليس كما زعمت التحريات انها جريمة لحظية
كان للقتل والعزم أعوام من الفكر المنحرف الذى تربى عليه المتهم ورضع من لبنه المر
فمـرور رجل الدين المسيحى بزيه التقليدى المهيب أمرا يثير حفيظة هذا الرجل ،، فتربص المتهم بالمجنى عليه ليذبحه ويردد الله اكبر
بل الله اكبر فوق الظالم
الله اكبر فوق القاتل
الذى يرفع اصبعه بالوحدانيه وكلنا نؤمن بالله الواحد ويحاول استفزاز الحضور.
فالشهيد لم يخجل لم يتوارى لم يشعر بالندم وانما يلاحقنا
اما انت ايها الشقى فاذهب الى جوانب السجن الذى خرجت منه تحوطك الظلمة من كل جانب ،،وأذهب الى حبل المشنقة لتُجتز رأسك ورقبتك كما فعلت بالرجل. ،،، وإذهب الى حبل المشنقة جزاءاً يتوافق بما اقترفت يداك ،، لعل موتك يكون عبرة لمن يتعدى حدود وحرمات الله
تلاحقك اللعنات
انتهت هذه الكلمات الرائعة من مرافعة الاستاذ أحمد جمعه.
ولنرجع عشرين عاما للواراء وتحديدا بعد تفجير برج التجارة العالمى وأحداث سبتمبر 2001 فى امريكا ، وأقيمت حواجز وسدود بين الغرب والمسلمين، ففكرت مؤسسات وقوى عربية وإسلامية الاستعانة بالمسيحيين الشرقيين كوسطاء لحوار اسلامى غربي؛ ومنه وفى 2002 إستضاف مذيع الجزيرة احمد منصور، المفكر المصرى الجميل ميلاد حنا ، ليساله احمد منصور سؤاله الرئيسى وهو؛ ماذا سيفعل مسيحيي الشرق أو مسيحيي المنطقة العربية وبالأخص مسيحيي مصر الذين يمثلون الكتلة المسيحية الأكبر والأعرق فى المنطقة تجاه تذويب الجمود بين الغرب والمسلمين؛ فكان من ضمن ردود مفكرنا ميلاد حنا ( المثل بيقول راعينى اراعيك ، فمش منطقى المسيحى الذى يشعر بظلم فى الوظائف والتعيينات ودور عبادته منك ، انك تطلب منه يقف معاك ضد ظلمك، ومسيحيي مصر تحديدا بكنيستهم الوطنية يقفون مع وطنهم ومع مسلمى وطنهم حتى بوجود تلك الحزازيات لاننا مصريين وثقافتنا ودمائنا مشتركين)
إنتهى كلام مفكرنا الكبير ،، وما قامت به المحكمة ممثلة فى هذا القاضى الجليل اعاد لنا الثقة الكاملة فى قضائنا الذى يمثل حصننا الأخير كمواطنين فى تحقيق عدل المواطنة الكاملة التى تشعر كل مصرى بمصريته وإنتماءه لوطنه الذى لا يجور عليه لاعتبارات اخرى غير مصريته.
وبمقال مهم بمجلة الجديدة لعملاق أدب الواقع الرائع نجيب محفوظ كتب مقالا عبقريا يجسد واقعنا المجتمعى وعلاقتنا بالقانون فقال:
لن ينجو أحد في بلد لايتحمل فيها الفرد مسؤولياته ولايدفع فيها المسؤول ثمن استهتاره وفساده وخيانة منصبه فاتساع دائرة الفساد يطمس الصفة الوطنية وأن ضياع هيبة القانون يطمس الهوية المجتمعية ويعتاد الناس حياة اللاقانون فيظن الناس أن العشوائية حق مكتسب وبمرور الوقت تصبح مجرد المطالبة بتحقيق القانون أزمة لذلك يجب أن نهيئ حكومة وشعب مناخ صالح للحياة الصالحة وأقول ذلك وأنا أعلم بأن بلاد الديمقراطية لا تخلو من فسادأو تطرف ولكن لديهم القانون الذى فى غيابه تختفى كل الاشياء الثمينة كالهوية والأمن العلم والحياء.
لذلك يجب أن نعلم ان القانون هو حماية لنا جميعا وضمانة للجميع فسيادة القانون جعلت من دول أوروبا رائدة متقدمة فى كل المجالات فسيادة القانون مفهوم واضح وعملي وسهل التطبيق بعكس سيادة حكم الدين أو "شرع الله" الذي تختلف وتتقسم بسببه طوائف مجتمعنا وتصنفهم لأنه مفهوم خلافي لا يمكن أن يتفق عليه فيما لم تصل دولة ملحدة كاليابان إلى التقدم وإحترام حقوق الإنسان وحرياته لأنها الأكثر أخلاقا أو تدينا ولكن لأنهم أدركوا أن عقيدة الدولة هى المواطن وليس دينه وأن الرادع القوى للبشر هو القانون لا الدين فاحتكموا للقوانين وطبقوها وأحترموا العلم فبقى الدين شأن خاص بالأفراد فإنطلقت حياتهم ولم تتمحور حول الإيمان والكفر والدياثة والتبرج وملابس النساء وشعرهن وفتاوى الفقه الذى تجاوزه الزمن وفتاوى التكفير والمعاملة على أسس طائفية.