أوقفت روسيا، اليوم (السبت)، إمداد فنلندا بالغاز في تصعيد للخلاف حول مدفوعات الطاقة مع الغرب، في حين كثفت هجومها في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
وبعد إنهاء مقاومة على مدى أسابيع من آخر المقاتلين الأوكرانيين في مدينة ماريوبول الاستراتيجية الجنوبية الشرقية، تشن روسيا ما يبدو أنه هجوم كبير في لوغانسك التي تشكل مع دونيتسك المجاورة منطقة دونباس.
كان الانفصاليون المدعومون من روسيا يسيطرون بالفعل على مساحات شاسعة من الأراضي في لوغانسك ودونيتسك قبل الغزو في 24 فبراير (شباط)، لكن موسكو تريد السيطرة على آخر الأراضي المتبقية التي تسيطر عليها أوكرانيا في دونباس.
وربما كان انتهاء القتال في ماريوبول، أكبر مدينة سيطرت عليها روسيا حتى الآن، أمراً حاسماً لتحقيق هذا الطموح، وهو ما يمنح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نصراً نادراً بعد سلسلة من الانتكاسات في القتال الدائر منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتلفزيون المحلي إنه في حين أن القتال سيكون دامياً والنصر صعباً، فإن نهايته لن تأتي إلا من خلال الدبلوماسية.
وأضاف، اليوم (السبت): «بالنسبة لهم كل هذه الانتصارات، سواء احتلال شبه جزيرة القرم أو دونباس، مؤقتة بالتأكيد. وكل هذا سيعود لأن هذه أرضنا».
ويمكن أن تمنح السيطرة الكاملة على ماريوبول روسيا التحكم في طريق بري يربط شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو في عام 2014، مع البر الرئيسي لروسيا ومناطق شرق أوكرانيا التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا.
وقال سيرهي غايداي، حاكم منطقة لوغانسك، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي في ساعة مبكرة من صباح اليوم، إن روسيا تحاول تدمير مدينة سيفيرودونيتسك في ظل القتال الدائر في ضواحي المدينة.
وأضاف غايداي في مقطع مصور على «تيليغرام»: «القصف مستمر من الصباح حتى المساء وطوال الليل أيضاً».
ورغم خسارة أراضٍ في أماكن أخرى خلال الأسابيع الماضية، تقدمت القوات الروسية على جبهة لوغانسك.
وتشكل سيفيرودونيتسك وتوأمها ليسيتشانسك عبر نهر سيفرسكي دونيتس، الجزء الشرقي من جيب يسيطر عليه الأوكرانيون تحاول روسيا تجاوزه منذ منتصف أبريل (نيسان)، بعد أن فشلت في السيطرة على كييف.
خلاف حول الغاز
قالت شركة الغاز الروسية غازبروم إنها أوقفت صادرات الغاز إلى فنلندا، بعد أن رفضت الموافقة على المطالب الروسية بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، بسبب العقوبات الغربية المفروضة على غزو أوكرانيا.
وتقدمت فنلندا والسويد قبل أيام بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وقالت شركة غاسوم الفنلندية لبيع الغاز بالجملة والحكومة الفنلندية والشركات الفردية المستهلكة للغاز في فنلندا، إنها استعدت لوقف التدفقات الروسية، وإن البلاد ستدير الأمر دون ذلك.
ومعظم عقود التوريد الأوروبية باليورو أو الدولار، وقطعت موسكو الغاز عن بلغاريا وبولندا، الشهر الماضي، بعد رفضهما الامتثال لشروط الدفع الجديدة.
وإلى جانب محاولة عزل روسيا من خلال فرض العقوبات عليها، كثّفت الدول الغربية إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا.
وحصلت كييف على دعم كبير آخر، السبت، عندما وقع الرئيس الأميركي جو بايدن مشروع قانون لتقديم ما يقرب من 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية والإنسانية للبلاد.
وكتب زيلينسكي في تغريدة: «في انتظار مساعدات دفاعية جديدة وقوية. هناك حاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى».
وتقول موسكو إن شحنات الأسلحة الغربية إلى كييف وفرض العقوبات يصلان إلى مستوى «الحرب بالوكالة» من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.
وقال الجيش الروسي، اليوم، إنه دمر شحنة أسلحة غربية كبيرة في منطقة جيتومير الأوكرانية غربي كييف باستخدام صواريخ «كاليبر» أُطلقت من البحر.
ولم يتسنَّ لـ«رويترز» التحقق بشكل مستقل من صحة هذا النبأ.
وصار رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا أحدث زعيم غربي يزور كييف، وقال رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميهال إنه وقّع اتفاقاً للحصول على دعم مالي غير محدد.
ويقول بوتين إن القوات الروسية تشارك في «عملية عسكرية خاصة» لنزع سلاح أوكرانيا وتخليصها من القوميين المتطرفين المناهضين لروسيا، في حين يصف الغرب هذه الحرب بأنها عدوان غير مبرر.
وأودت الحرب بحياة آلاف الأشخاص في أوكرانيا، ودمرت مناطق حضرية. وفر ما يقرب من ثلث سكان أوكرانيا من ديارهم، وغادر البلاد منهم ما يربو على ستة ملايين.
انتهاء حصار آزوفستال
قالت وزارة الدفاع الروسية إن آخر قوات أوكرانية تحصنت في مصنع آزوفستال للصلب الضخم في ماريوبول استسلمت يوم الجمعة. وأضافت أن 2439 مدافعاً استسلموا في الأيام القليلة الماضية، منهم 531 في المجموعة الأخيرة.
وفي وقت سابق، قال زيلينسكي إن الجيش الأوكراني أبلغ آخر المدافعين هناك بأن بإمكانهم الخروج إنقاذاً لحياتهم. ولم يؤكد الأوكرانيون حتى الآن عدد مَن كانوا في آزوفستال، ولم يتضح بعد مصير هؤلاء المقاتلين.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها سجّلت استسلام مئات الأوكرانيين في مصنع آزوفستال كأسرى حرب، وتقول كييف إنها تريد تبادل الأسرى.
وتقول موسكو إن السجناء سيعاملون معاملة إنسانية، لكن نُقل عن سياسيين روس قولهم إنه تجب محاكمة بعضهم أو حتى إعدامهم.