Oliver كتبها
-تاريخ كنائسنا الأرثوذكسية فى شتى البلاد عامر بالآباء الذين صارت أقوالهم و تعاليمهم منارة للأجيال و على هداها وصلوا ميناء الخلاص ربنا يسوع.لا نقدر أن نحصر المعلمين الذين بأقوالهم هذبوا النفوس بالإنجيل و المفسرين الذين بعلمهم أناروا العقول لكلمة الخلاص.لا يمكن أن نحصى كم من مرشدين صارت أقوالهم خالدة تجذب الناس إلى حكمة الروح القدس.هؤلاء إصطادوا الناس للمسيح بأقوالهم و أفعالهم و رعايتهم و قدوتهم لكن القديس يسطس أخذ منهجاً لم يسبقه إليه سوى قليل نادر من الآباء و الروحانيين.لقد قرر أن الصمت يخلص كالكلام.فذابت صلواته فى صمته.مرت الدقائق و هو متصل بالسماء حتى لم يدرك الزمن الذي نعيشه بل الذي يعيشه هو.فسأل الكثيرين تكراراً (هى الساعة كم).
- راهب جلس مع الجموع قدام المسيح يأكل معهم ما باركته يداه.مع المسيح ذهب إلى الزيتون .تعلم الأبوة فى الخفاء و مارس أبوته فى الخفاء .عاش أحداث الإنجيل أكثر مما قرأها.كان كصخرة فوق جبل لا يبالى بمن يراه و هو منغمس فى سحابة ينتظر منها الفيض الإلهى.كان يعقد من الرمال مسبحة كى يتقن الهذيذ فأتقنه.فى فقره أشبع شهوة المسيح فى قلبه بالمحبة الكاملة.تسابيحه جذبت المتوحدين نحوه.
-حين يذهب فكره إلى السمائيات تختطف إبتسامة شفتيه و على عينيه يرتسم شيئاً بغير يد إنسان.قلبه النقى يتراقص فرحاً و مجداً و إندهاشاً فيجيد كلام الروح أكثر و يصمت اللسان أكثر فأكثر.
- إلتصق بالرب فلم يلفت نظره العابر و السائر و لا إنتبه لشيء قدامه لأنه تعلم الصلاة الدائمة فكان الناس يبدون له كأضواء فى مشهده السمائي الذى يستغرقه.لم يمتلك فى الأرض سوى موضع قدميه و عند نومه كانت كفاه الوسادة.لم يعش إلا زمن الحب. كعروس النشيد كان ينام و قلبه مستيقظ.
-كانت له العذراء أماَ و مرشداً فتعلم من صمتها صمتاً و إسترشد بكرامتها عند إبنها فصارت صحبته سمائية .يسير كالحاشية فى موكب الملك المسيح و الملكة البتول مريم فإكتفى بالحديث معهما بالأكثر.
- كانت الآيات تتبعه و هو لا يتبعها.الذين يرونه شارداً يتهته بما هو غير مفهوم يستهزئون به أما هو فجعل سخريتهم وسيلة للإتضاع أكثر فأكثر متعلماً السلام لا هياج الذات و الإنتقام.
- كان يفترش الارض مثل سيدنا المسيح.هذا الحجر بيته.تلك العصا المتعوجة عكازه.تحمله أينما شاء فأخذته بعيداً بعيداً أكثر مما نعلم.تقابل مع نساك غادرهم التاريخ.تعلم ممن ليس لهم كتب.أحبه بولس البسيط و أخذه إلى معلمه أنبا أنطونيوس .جلس مع أتقياء آخرون عند قدميه يتعلمون الرهبنة كأنها تبدأ الآن.عادوا إلى غربتهم فى الشقوق و عاد يسطس الأنطونى إلى غربته الأعجب بين الناس.
-لم يكن يذهب إلى المدن لكنه الآن يذهب حيثما يرسله الروح القدس.يفرح بخدمة المتروكين و المنسيين.يجلس معهم ببشاشة و يصيرأنينهم صلاة و وحدتهم شركة للروح.يباركهم.بصلاة عجيبة و فى حضوره تنفتح الأعين.يبشر بالرجاء فى فرح و يتبارك من يراه بقوة روحية للبر و للنعمة.فالقديسون لما ينتقلون إلى السماء يصيرون لنا أقرب مما كانوا على الأرض.
- مطوب أنت أيها المبارك.قديس لم تصنعه شعبية زائفة.لم ترشحه المعجزات.لم يكسب أصوات للتزكية.بل شهدت السماء بقداستك.أنفاسك إقتربت من مذبح الله فأرشد عنك.نطق الرمل بدلاً منك . أخذ برك و صلواتك قلوب من يعرفونك و من لا يعرفونك.نلت درجة القداسة فى جيلنا لنتقدس نحن بصلواتك .تعلمنا أن الوقت يمض و شهوته معه و أن الذى يصنع مشيئة الله مثلك يثبت إلى الأبد. الكنيسة التى ولدتك هى الآن بك تتزكى.تفرح لأن إبنها صار لها شفيعاً.ليترنم معك الذين صارت آلامهم أمجاداً و صمتهم إنشغال فى شخص البار يسوع المسيح.