بعد حالة من الاستقرار والهدوء، عاد اللون الأحمر ليكسو منصات تداولات العملات المشفرة، وشهدت غالبيتها تراجعات عنيفة خلال الساعات الماضية، وسط مخاوف شديدة من تكرار "اليوم الأسود" الذي شهدته أسهم التكنولوجيا يوم فقاعة الإنترنت أو يوم "الدوت.كوم".
خبراء فسروا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أسباب ما تقاسيه عملة بتكوين وغيرها من تراجعات بعد "الهروب الكبير" والانسحابات الجماعية السريعة من سوقها، وأبرزها 5 أسباب الأول كونها ملاذًا غير آمن، والثاني أنها لا رقابة قانونية عليها، مع غياب الأصول التي تحمي قيمة العملة، والثالث ما تعانيه الأسواق من ضغوط ارتفاع التضخم الأميركي، والرابع ما يتثمل من مخاوف رفع الفائدة الأميركية، أما السبب الخامس للانهيار يأتي مع محاربة البنوك المركزية لهذه الأصول المشفرة ومجابهة مخاطر استخدامها في غسيل الأموال.
وانخفضت بتكوين ليجري تداولها في تعاملات، الإثنين، دون مستوى الـ 25 ألف دولار، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر 2020.
كما نزلت قيمتها السوقية المجمعة إلى مستوى 493.1 مليار دولار لتستحوذ على حصة سوقية نسبتها 47.17 بالمئة من إجمالي السوق.
وسجلت "إيثريوم"، التي حلت في المركز الثاني، في قائمة أكبر العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية، خسائر 5.8%، مقابل تراجع أسبوعي بنسبة 26.4% ليجري تداولها في تعاملات الإثنين دون مستوى 1200 دولار.
فقاعة ويوم أسود
وفق الخبير الرقمي، محمد صبري، فإن سبب تراجع بتكوين بهذا الشكل أنه ليس لها أي أصول ثابتة معلومة، وبالتالي من قبيل حرص البشر على أموالهم فإنهم ينسحبون سريعًا حين تتعرض هذه الأسواق لهزات ولو كانت غير كبيرة.
كما يلفت صبري إلى أن الإشاعات وانهيار شركات والحديث عن شبهات فساد، تؤثر بشكل كبير على تداول العملات الافتراضية، وبالتالي تنسحب منها رؤوس الأموال، وفي هذه الحالة تتبقى الأموال مجهولة المصدر التي يمكنها تحمل التقلبات، مثل غسيل الأموال وتجارة المخدرات والسلاح والجريمة المنظمة.
ودون وجود غطاء مالي مضمون واضح للمستثمرين، ستظل عملة البيتكوين مجرد فقاعة، وستنهار في نهاية المطاف، وفق المتحدث ذاته.
وشبه الخبير الرقمي، ما يحدث حاليًّا مع بتكوين بما جرى مع شركات "الدوت كوم"، فعند ظهور شركات "غوغل" و"ياهو" حدث تسارع كبير للاستثمار في القطاع الإلكتروني، لكن بعد 6 سنوات حدث ما يسمى بـ"اليوم الأسود"، بعد أن اكتشف المتعاملون عدم وجود مقرات أو أصول تحمي هذه الاستثمارات، وبالتالي حدث الانسحاب الجماعي من القطاع.
مخاوف الاستخدام
الخبير الاقتصادي، وضاح الطه، يرى أن المخاطر الخاصة بالعملات المشفرة هي من أين تكتسب تلك العملات قيمتها، حيث إن سوقها تحتوي حاليًّا على 10200 عملة لا نعرف منها إلا رقمًا ضئيلًا.
الطه أشار كذلك إلى مخاوف مِن أن نظام التشفير هذا قد يساعد في عمليات غسيل الأموال، كما أنها تعاني من شدة التذبذب في قيمتها خلال فترات قصيرة، إضافة إلى عدم وجود احتياطي يساعد في تقييم السعر، وقيمة العملة مستمدة من الإقبال عليها فقط.
ويضيف أن عملة بتكوين متاح منها 21 مليون قطعة، المصدر منها 18 مليون فقط، إضافة إلى أنها عملة تستهلك طاقة بشكل كبير، والآن هي تتعرض للخسائر القياسية بسبب مخاوف التضخم التي أعلن عنها الفيدرالي الأميركي لأنها ملاذ غير آمن.
ويلفت الخبير الرقمي محمد فتحي، إلى سبب آخر لتغير أسعار البيتكوين بشدة، وهو أن عملية تعدينها وإنتاجها بطيئة جدًّا، حيث تخضع لعمليات حسابية معقدة ولوغاريتمات وشفرات طويلة تتطلب أجهزة كبيرة ونظم برمجة وأفرادًا يعملون عليها من أجل إنتاج بتكوين واحدة، كما أن البنوك لا تشارك بها، وهو ما يسبب مخاوف لدى كثير من المستثمرين.