أشرف حلمي
أنتشرت بقوة جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد على الهوية الدينية من جانب المتشددين منذ الغزو الوهابى لمصر ، منتصف السبعينات من القرن الماضى بالتزامن مع إضافة الرئيس السادات عن عمد المادة الثانية إلى الدستور المصري عام ١٩٧١ ، معلنًا بذلك مصر دولة إسلامية رسمياً ، وحرص السادات بتأكيد أسلمة الدولة بتكرار عبارته الشهيرة التى تعمد توجيهها الى القيادات الكنسية المصرية فى عدة مناسبات : «أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة» إرضاءاً لجماعات الإسلام السياسي التى قامت باغتياله بعد ١٠ سنوات من إضافة المادة الثانية فى يوم عرسه عام ٨١ وسط قياداته العسكرية والسياسية وشاهدها الملايين على الهواء مباشرة ، أثناء العرض العسكرى إحتفالاً بنصر أكتوبر فى حادث المنصة الشهير ، فقاتل السادات خالد الإسلامبولي ليس مختلًا عقلياً بل كان ضابط بالجيش المصرى ، إرهابى ، متطرف ومؤمن بالفكر الداعشي وما يحمله من أفكار تجاه الدولة العبرية من كراهية وحقد ، عرف كيف يخطط مع أعوانه داخل وخارج قواتنا المسلحة والمحترفين لأجهزة الدولة لهذه الجريمة بسبب ما قام به السادات من إهانة شيوخ الجماعات الإسلامية والقائهم بالسجون ، إضافة الى زيارته إى إسرائيل وإبرام معاهدة السلام .
مما لا شك فيه بأن المحاولات المستميتة التى قام ومازال يقوم بها بعض المسؤولون المصريون لتبرئة المتطرفين قاتلو الأقباط أو محاولة قتلهم فى أول رد فعل لهم باتهام الجناة بالمختلين عقلياً ، كذباً دون التأكد من صحة الحالة العقلية لهم من خلال تقارير طبية تثبت صحة إدعائهم ، خاصة عقب هروبهم من موقع الجريمة ، وهذا ظهر فى حالات كثيرة كان آخرها حادثة إستشهاد القمص أرسانيوس وديد كاهن الإسكندرية قبل عدة أسابيع ، بالشهادة المضللة لضابط التحريات الذى يحمل نفس فكر خالد الإسلامبولى وألقها أمام محكمة جنايات الإسكندرية وحاول فيها تبرئة القاتل من جريمته ، كذلك محاولة الذبح التى تعرضت لها مؤخراً الفتاة القبطية مني وفدي مرزوق بقرية شارونة مركز مغاغة باستخدام " محش " يستخدم فى قطع الحشائش على يد إرهابى استطاع الهروب واتهام الجاني بالمحتل عقليًا .
فى واقع الأمر أن المختل عقلياً لن يعرف طرق القتل العمد والهروب حتى لو كان يحمل سكين أو سلاح ، وذلك عن تجربة لى قبل عام من هجرتي إلى أستراليا .
أذكر ذات صباح يوم كنت أشرب الشاى فى البلكونة كعادتي قبل الذهاب الى العمل ، سمعت أصوات عالية بأن هناك رجل مجنون " مختل عقلياً " حاملاً سكين داخل مكتبة لبيع الأدوات المدرسية يمتلكها احد الأصدقاء فى محاولة لإنقاذ الفتاة التى تعمل بها ، وكانت الفتاة واقفة فى حالة زعر من الخوف خلف فاترينة العرض محبوسة فى أحد أركان المحل ولم تستطع الخروج لان المخرج الوحيد يقف أمامه المجنون ، فلم أتردد فى النزول على الفور لإنقاذ الفتاة وتوجهت نحو المكتبة ، شاهدت رجلاً رافع يده حاملاً سكين " لن أراها " وكأن ربنا وضع غمامة على عيني لعدم رؤيته السكين لاستكمال إنقاذ الفتاة ، وبالفعل دخلت المكتبه ونجحت فى تحريك الفاترينة من الجانب الآخر المقابل للمجنون وتحرير الفتاة خارج المكتبة ، وانتظرت بالخارج حتى غادر المجنون المكان الذى ظل واقفاً طوال الوقت بالداخل دون التقرب من الفتاة و يصيبها بأذى .
لقد أشاد الجميع بالحكم بإعدام قاتل القمص أرسانيوس كاهن كنيسة العذراء بالإسكندرية بعد أن فشلت جميع المحاولات لتبرئة القاتل خاصة ضابط التحريات وقررت المحكمة تغيير القيد والوصف من القتل العمد إلى تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ، وفى الحقيقة لا فرق بين محاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والقتل فكلاهما يهدف لنفس الغرض اى القتل ، ولابد من إصدار قانون يقضى بإعدام الخارج عن القانون الذى يحاول قتل اى إنسان دون محاكمة ولو كان مختل عقلياً حتى يتوقف هذا النوع من الجرائم خاصة القتل على الهوية الدينية .