( بقلم : أشرف ونيس )
انه بناء أصابه شرخ حيث تصدعت أركانه و أصبح على شفا الانهيار ، كما انه منظومة أصابها خلل و صار التفكك هو مآلها المرتقب و المنتظر ، بيد أنه جسد اخترقه فيروس مميت و باتت أجهزته فى حالة إعياء شديد ، و تخشى الحروف فى أن تجتمع لتكون عبارة ما أقساها حيث انه " جسد مات و تحلل " ؛ فيالحسرة ما تنصل و انفلت من قبضات حُماته و القائمين عليه !!!!

المجتمع ؛ لم يعد جماعة يربط بينها مصالح مشتركة ، كما لم تعد للقوانين التى تنظم سلوك تلك الجماعة هيبة فى أنفس أعضاء من يكونونها ؛ فلقد تحولت الجماعة عن مسارها المعروف بباطن الكتب و المجلدات ، كما انحرفت طبيعة أعضائها و لم يعد من يردع قلوبهم أو نفوسهم ، يجولون هائمين على اجترار ما تتطلبه منهم طبيعتهم البهيمية و الحيوانية ، يختالهم غرورهم الكاذب بأنهم من نصَّبهم الخالق بين البشر نظارًا ليلوذوا بالفرار عن قواعد الحكمة المتأدبة بما يقولونه أو يفعلونه ، لم تعد قاعدة الحكم المشتركة بين جماعات الارض و مجتمعات العالم هى من لها كلمتها الأولى فيما بين من تدنى عن مرتبة الانسان ، بل أصبحت تنفرد فقط بكلمتها الأخيرة فى أن تحكم بالهلاك على المهلكين من بنى البشر ، فيصبح كل من الهالك و المهلك حيث  مملكة العالم الاخر أو قل عِداد الأموات معا !

فهل حرب كونية غير مأهولة المعرفة هى من أصابت أنفس البشر و ضمائرهم فى مقتل ؟ أم أن ثمة ثقافة متدنية عن الخط الطبيعى الذى يفصل بين مملكة البشر و مملكة الذئاب هى ما قامت بتلك المهمة الجهنمية ؟ هل هى كائنات ذات طبائع أثيرية تنفث جهلا و انحطاطًا بين أذهان و عقول من  يحتوونها ؟ أم انها بعض من التعاليم المستجلبة من باطن الهاوية هى ما شرعت و نفذت تلك الجرائم التى يندى لها جبين الأعزاء من بنى آدم ؟ فإن كانت نظرة مملكة الحيوان المفترسة هى نظرة الاندهاش الى مملكة العقل العاقل و من يملكونه ، فكم أصبحنا فى الدرك الاسفل من طبقات مملكة الاحياء و التى فى طريقها الى الولوج و الدخول فى عالم الاموات الحية أو الاحياء المائتة !!

فهل هناك ما يعود بنا الى الوراء حيث الترقى و الرقى بعيدا عن مظاهر التقدم أو قل التخلف التى تكتنف وجودنا ؟ و هل هناك رادع لكل من يقدم الطعام العفن حلو المذاق لمن يصنعه مقدمه الى عقلاء القوم فيصيرون بها  وحوشَا متعقلة أو قل عقولاً متوحشة ! و هل لنا أن نحرك المياه الراكدة فى قلب بحر المجتمع فتصحوا الضمائر من غفلتها و لو كان حتى بقسوة أحكامه و حاكميه ! أم لنا فيما بعد أن نردد كلمة قليلة الأحرف تقترن بأخرياتها من الكلمات ليكونوا و يصبحوا " ياليتنا كنا " و ياليتنا فعلنا " ، فها هو الوقت نحتويه قبل أن يدركنا و يحتوينا ، و هاهو زمننا الذى لنا و نملكه قبل أن يكون علينا و ضدنا ، فيتجه بنا الى نقطة و إتجاه ما أرهبهما و ما أصعبهما ، و هما نقطة و اتجاه اللاعودة !!