ألفى كامل شنّد
أتت المسيحية بمفهوم جديد للزواج، لم يسبق ان تبنته أي جماعة بشرية من قبل. فقد اعتبرته عهداَ، وليس عقد. عهد    ثنائي بين رجل واحد وامرأة واحدة على الارتباط مدى الحياة.

وذهبت المسيحية الى ابعد من ذلك لتعلن أن الزوجين لا يشكلان ثنائيا فيما بعد إنما يكون الاثنان جسدا واحداً. "فلا يكونانِ اثنينِ، بل جسَدٌ واحدٌ. وما جمَعَهُ اللهُ لا يُفرِّقُهُ الإنسانُ. (متى 19: 6). ولا يجوز فسخ وحدانية الزواج الا بحالة الزنا حيث يكون أحد الطرفين قد خرق العهد وأدخل طرفا ثالثا في وحدة هذه الثنائية. عندها يجوز الطلاق. وإذا تعذر على الزوجين الاستمرار معا ينفصلان. بشرط عدم زواج أحدهما مجددا من طرف ثالث وبذلك أرست المسيحية مفهوما جديدا للزواج يحرم الطلاق وتعدد الزوجات، مخالفا لما كان شائعاَ في العهد القديم.

ولا يعتبر الزواج في المسيحية صحيحا الا بموافقة العروسين، بقول العروسين "نعم" أمام الكاهن والشهود عندما يسأل كل منهما على حده أترغب في اختيار فلان أو فلانه زوجاّ أو زوجة لك، قبل بدء مراسيم الزواج. ولا يشترط موافقة وليّ أمر الفتاة متى بلغت سن الرشد (18 سنة) .. مادام لا يوجد أيَّ مانع طبيعيّ أو كنسيّ يحول دون زواجهما.

الزواج سرّ مقدس فى المسيحية:
كثيرا ما نقرأ الاصحاح الثاني من انجيل يوحنا عن عرس قانا الجليل، ولا نتوقف عند المعاني الرمزية والباطنية التي في متون النص. واغلب المسيحيون يأخذون المعجزة التي وردت في العرس في سياق المعجزات التي فعلها المسيح التة تؤكد الوهيته . في حين انها مليئة بالمعاني الرمزية التي تختص سرّ الزيجة، أحد أسرار الكنيسة السبعة. والمقصود بكلمة أسرار، مجموعات من الطقوس الكنسية يحصل بواسطتها المسيحي على نعـمـة غـير منظـورة، بواسطة مادة منظورة. على يد كاهن شرعي. فأعجوبة تحويل الماء إلى خمر من قِبل يسوع المسيح في عرس قانا الجليل لم تكن أمرا بلا مغزى.  وهذا ما يتجلى من قراءة النص:"وفي اليوم الثالث كان في قانا الجليل عرس، وكانت ام يسوع هناك. فدعي يسوع وتلاميذه الى العرس. ونفدت الخمر، فقالت له امه: (ما بقي عندهم خمر. فأجابها: مالي ولك يا امرأة، ما جاءت ساعتي بعد . فقالت امه للخدم: اعملوا ما يأمركم به. وكان هناك ستة اجران من حجر يتطهر اليهود بمائها على عادتهم، يسع كل واحد منها مقدار مكيالين او ثلاثة. فقال يسوع للخدم: ( املاؤا الاجران بالماء ) . فملاؤها حتى فاضت. فقال لهم: (استقوا الان وناولوا رئيس الوليمة). فناولوه. فلما ذاق الماء الذي صار خمرا، وكان لايعرف من اين جاءت الخمر، لكن الخدم الذين استقوا منه كانوا يعرفون. دعا العريس وقال له: جميع الناس يقدمون الخمر الجيدة اولا، حتى إذا سكر الضيوف، قدموا الخمر الرديئة. اما انت فاخرت الخمر الجيدة الى الان!

ان حضور المسيح وأمه وتلاميذه تعنى محضور الكنيسة ومباركنها هذا الطقس، والمقصود بمعجزة تحويل المسيح الماء (رمز الحياة بشكل عام وبدون ماء لا توجد حياة) إلى خمر (يشير الخمر في الثقافة والميثولوجيا اليونانية الى الفرح، ويرمز إلى تجدد الحياة والى الاتحاد مع المسيح. وكذلك الامر في سرّ الافخارستيا). أن الزواج، كعرف من الأعراف الاجتماعية، يتحول بمباركة الكنيسة وحضور الروح القدس إلى سرّ مقدس يحصل بواسطته المسيحى على نعـمـة غـير منظـورة. ومن نعم هذا السرّ يصير الأثنان واحداً.

وترمز الخمر الرديئة التي قدمت للضيوف في بداية الحفل إلى عجز شريعة موسى أن يصير الأثنان جسد واحد،"لِقساوَةِ قُلوبِكُم أجازَ لكُم موسى أنْ تُطلِّقوا نِساءَكُم.. (متى 19: 6 – 9)). والخمرة الجديدة تشير إلى نعم العهد الجديد حيث يصير الأثنان جسدا واحدا. ومن ثم تقول بقية الآية السابقة “...أمّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ طلَّقَ اَمرأتَهُ إلاَّ في حالَةِ الزِّنى وتزَوَّجَ غَيرَها زنى."  وفرة الخمرة بعد المعجزة التي أجراءها المسيح.  تشير لوفرة نعمة العهد الجديد. (أنظر، قراءات في انجيل يوحنا، للاب دوناسيان ملا اليسوعي، نقله الى العربية الاب حليم عبدالله، الطبعة الرابعة ، دار المشرق .سلسلة دراسات في الكتاب المقدس ، بيروت  193  .(
 
سرّ الزواج المسيحى عبر التاريخ:
كانت الامبرطورية الرومانية، مقارنة بغيرها، متسامحة في مسائل المعتقد الديني. حيث سمحت للعديد من الطوائف الدينية بالتبشير دون قيود. لم يكن المعتقد الخاص مسألة ذات أهمية للسلطات الرومانية. وإنما ما يعنيها هو طاعة السلطة ولولاء للإمبراطورية الرومانية.

لم تعارض السلطات الرومانية التعاليم المسيحية. لكن اضطهدت كل من رفض الولاء للدولة، ويرفض تكريم للآلهة الرومانية (ما يعادل قسم الولاء) . وكانت عقوبة من يرفض أداء احتفالات لتكريم الآلهة عقوبات صارمة؛ إذا كان يحمل الجنسية الرومانية فالعقوبة الموت السريع بقطع الرأس. أما العبيد وغير الرومانيين فالعقوبة تكون من خلال تعريضهم للقتل من قبل الوحوش.

لذا حرص المسيحيون على ممارسة الطقوس الاجتماعية الرومانية التي لا تتعارض مع عقيدتهم، وفى مقدمة تلك طقوس طقس الزواج الروماني، حتى بعد اعتراف الإمبراطورية الرومانية بالمسيحية كديانة رسمية.

ومهدت الإمبراطورية الرومانية، من خلال توطين السلام في معظم أنحاء الإمبراطورية وتوحيد العالم، واقامة شبكة طرق، والتحرر من النزعات القومية في نمو المسيحية وانتشارها في المسكونة. ورأت المسيحية في الإمبراطورية الرومانية أفضل مكومة وـأفضل تشربع بشرى. ويرى العلامة اوريجانيوس ان ذلك كان ترتيبا ألهيا من أجل انتشار الانجيل.

مارس المسيحيون في ظل الامبرطورية التقاليد والعادات والثقافة، والنظام الادارى في تشكيل هيكلية الكنيسة والمعمول به حتى الان دون حاجة إلى تشريع مدني جديد.

ومع توقف الاضطهاد، والاعتراف بالمسيحية ديانة رسمية للامبرطورية الرومانية. وبناء الكنيسة ونموها بدأ المسيحيون في فصل السلطات الروحية عن السلطة الزمنية. ففي القرن الرابع نجد أسقف ميلان القديس “أمبروسيوس“(340–397م) يتكلم عن مباركة الزواج بواسطة الأكليروس، متبعاً ما قد تسلمه من الكنيسة الأولى. بعد ان أؤجل لحين زوال عوائق تطبيقه، ونقرأ هذا في رسالة القديس “أمبروسيوس“إلى فيجيليوس فيقول: “لأن عقد الزواج يتم تبريكه بواسطة القس، فكيف يكون هناك ذكر للزواج بدون وحدة ايمان” (3).. وهذا يؤكد التطبيق التدريجي لسر الزيجة، فالدولة الرومانية كانت من أقوى الأمبراطوريات في التاريخ، ومن أكثرها وحشية ودموية، فمن يجرؤ على مخالفتها فيُنشئ نظاماً منافساً لسلطانها

من اوائل الأصوات التي مهدت لإستقلال سر الزيجة بعيداَ عن الطقوس المدنية الرومانية. كان القديس “أغناطيوس الأنطاكي“في حوالي 100 ميلادية، وذلك يتقدم بنصيحته للأسقف “لبوليكاربوس“ أن: “على الرجال والنساء الذين يتزوجون أن يكون أتحادهم على يد الأسقف, حتى يكون الزواج حسب الرب لا حسب الشهوة ليصير كل شئ لمجد الله“ (2). وبالرغم من أن تلك الإشارات قليلة في العصور الأولى وذلك للظروف التي قد ذكرناها، ومع هذا فهي ذات دلالة عظيمة واضحة القصد والهدف، توضح الفكر العام لقيادات الكنيسة بالرغبة في الاستقلال بسر الزيجة بعيداً عن طقوس المجتمع الوثن.

واستنادا على قول القديس بولس الرسول “مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ.” (أفسس 5: 31-32) وصف القديس أغسطينوس في القرن الخامس الميلادى ،  الزواج سر كنسي  ليس له علاقة بطقوس المجتمع الوثني, وهذا ليس من أبتكار القديس “أوغسطينوس“ بل كان أعتقاد الكنيسة الأولى،  التي منعتها ظروف الاضطهاد  الصعبة وعوامل أخرى أجتماعية من تطبيقه . وبهذا الترتيب التدريجي التاريخي ظهر سرّ الزيجة في حياة الكنيسة.

يذكر جوزيف مارتوس، أحد المؤرخين في الأسرار الكنسية، “بدخول القرن الثامن، أصبحت الزيجات الطقسية شائعة، وتُمارَس في الكنيسة، وليس في البيوت كالسابق. وظهرت قوانين مدنية جديدة تُجيز هذا الشكل الجديد من احتفالات الزواج. وفي القرون اللاحقة، ظهرت قوانين أخرى تُلزم القسيس بالقيام رسميا بكل طقوس الزواج.

ويبدو أن الزواج بمباركة الكنيسة الرومانية كان اختياريا حتى عصر الإمبراطور "لاون السادس"، الذي أصدر القانون رقم 89 الصادر سنة 893، وفيه أنه مثلما أصبح للتبني صلاة كنسية، لابد وأن يكون هناك صلاة للزواج.

وفي سنة 1086، قام الإمبراطور ألكسيوس الأول كومنينوس، بجعل محاكمات الأحوال الشخصية في سلطة الكنيسة، وقبل ذلك كانت نزاعات الطلاق والميراث في محاكمات مدنية عادية.

ومنذ القرن السادس عشر دخل سر الزيجة للكنيسة الكاثوليكية كسر من أسرارها السبعة.  فقد ورد في وثائق المجمع التريدنتيني (المسكوني التاسع عشر) (1545–1563م)، الاتي : “إن قال أحد بأن الزواج ليس بالحقيقة أحد أسرار الناموس الإنجيلي السبعة التي أنشأها المسيح ربنا، ولكنه أمراً قد أختلقه البشر في الكنيسة، وأنه لا يمنح النعمة. فليكن محروماً” (9)

أيضا، أصدر هذا المجمع مرسوماً لسنة (1563م) يصرح ما يلي: “لمن يقدمون على عقد الزواج في غير حضور الكاهن المسئول أو كاهن أخر مفوض من قبل الأسقف المحليّ، وأمام شاهدين أو ثلاثة، فالمجمع المقدس يعلن أنهم غير أهل البتّة لأن يقوموا بهذا العقد، ويرسم أن مثل هذه العقود غير صحيحة وباطلة كما أن هذا القرار يبطلها ويلغيها“

والثابت أن الزواج في كافة أنحاء أوروبا حتى مطلع القرن التاسع عشر. كان يمارس من خلال الكنيسة وحدها. فالنظام التشريعي ذاته كان يعترف بوجود تشريع كنسي للزواج. لذا فقد أعتاد المسيحيون قبول تعاليم الكنيسة في الزواج، وهكذا ظل الزواج منفصلاً عن الحالة المدنية خاضعاً لرؤية الكنيسة وحدها، حتى قيام الثورة الفرنسية (1792م) التي كانت بمثابة نقطة الإنطلاق الفاصلة بين المجتمع المدني وبين أحكام الكنيسة. فظهرت فكرة علمنة الدولة. لتتولى الدولة كل أمور مواطنيها. وتصير السلطة العليا الوحيدة التي تنظم كل نواحي الحياة البشرية.

لم يذكر أيٌّ من المؤرخين أو أباء الكنائس الشرقية لكنيسة الإسكندرية أو أنطاكية أي طقس للزواج في القرون الستة الأولى، ولكن على الأرجح أن هذا الطقس بدأ يمارس تدريجيا بعد دخول الإسلام تلك البلاد  في القرن السابع ،  للتفريق بين الزواج في الديانتين المسيحية والاسلامية ، والحفاظ على الهوية الدينية ، حتى مجىء القرن الرابع عشر الميلادي نعثر على طقس كامل لسرّ الزيجة .

موانع الزواج في المسيحية:
تقيدت الكنائس المسيحية الزواج بقوانين حماية، تتسع وتضيق حسب الظروف و مصلحتها ، تُعرف "بموانع الزواج"، منها : أن يكون كلا الطرفين غير مقيد برباط زواج سابق، أو بنذر (كهنوتى ـورهبانى) أنذره أن يظل بغير زواج، او الزواج بمن لم يتعمد (غير مسيحى)  ، أستناداَ لقول بولس الرسزل"لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ ( 2كورنثوس  6 ا: 14 ) .

وتسمح الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية بالزواج من غير المؤمنين للإسباب مهمة ، بتصريح من الأسقف الإبرشى  .؛ ويُعرف هذا الإذن باسم "الإعفاء من تباين العبادة ". لانه لا يوجد في الكتاب المقدس آية تقول إنه لا يمكن الزواج من غير المعمدين.  كما ان بولس الرسول أعطى هذا التفسيح "وأما الباقون فأقول لهم أنا لا الرب إن كان أخ له امرأة غير مؤمنة وهي ترتضي أن تسكن معه فلا يتركها. والمرأة التي لها رجل غير مؤمن وهو يرتضي أن يسكن معها فلا تتركه لأن الرجل غير المؤمن مقدَّس في المرأة والمرأة غير المؤمنة مقدَّسة في الرجل. وإلاَّ فأولادكم نجسون. وأما الآن فهم مقدَّسون" (1 كو 7: 12-14) تحت شروط لا يمكن التنازل عنها، وهي بحسب القانون. 814: أن يعلن الطرف الكاثوليكي عن استعداده لدفع خطر ترك الإيمان، ويعد وعداً صادقاً بأنه سيبذل كل ما في وسعه لتعميد جميع أبنائه وتربيتهم في الكنيسة الكاثوليكية؛ وان يتعهد الطرف الآخر في حينه علماً بهذه الوعود، الواجب أن يؤديها الطرف الكاثوليكي.

وتمنع الكنيسة الكاثوليكية حسب أحكام قوانين الكنائس الشرقية في القانون 88 بند 1 : الزواج من العم والخال والخالة والعمة . وأيضا أبنائهما، ولكن لظروف رعوية ضرورية جدا وهامة وثقافية، قد نسمح بهذا الأمر. ففي بعض المجتمعات يقف زواج الأقارب، وتعدد الزوجات، ـــ الكنيسة الكاثوليكية لا تسمح بالأخير ـــــ عقبة كبرى في قبول الانجيل

ولا يحق للأهل في المسيحية إجبار أولادهم على الزواج.  كما لا يجوز منع الزواج بسبب اعتراض الأهل. ومطلوب من الكاهن التأكد من ذلك فبل بداية مراسيم الزواج. توجه سؤال   للرجل والمرأة: هل تريد برضاك واختيارك فلانه أو فلان ؟..

تعترف الكنيسة الكاثوليكية بالزواج الذي يعقد في الكنائس
 الأخرى، فإذا تزوج اثنان من اللوثريين في الكنيسة اللوثرية بحضور القس اللوثري، فإن الكنيسة الكاثوليكية تعترف بهذا كسر زواج صالح.  وكذلك لزواج بين المسيحيين الكاثوليك، والمسيحيين المعمدين غير الكاثوليك. بشرط الحصول على تصريح من الأسقف الأبرشي. ويمكن عقده في كنيسة كاثوليكية أو في كنيسة غير كاثوليكية.

تعتبر الكنيسة القبطية الأسباب الآتية من موانع الزواج، بحيث إذا ظهر سبب منها يكون كافيًا للحكم ببطلان الزواج:
1 -ارتباط أحد الزوجين في زيجة سابقة لم تعترف الكنيسة بفصم عُراها.
2 - اختلاف المذهب أو الدين.
3 ـــــ عدم تكامل القوى الجنسية، كأن يكون يكون عنينًا أو خنثى أو مخصيًا وما إلى ذلك.
4 - سبق صدور حكم بالطلاق على أحد الزوجين بالزنى.
5 - القربى أو المصاهرة التي تمنع الزواج، حسب الجداول المعمول بها في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
6- الجنون.

الطلاق في المسيحية:
تُعتبر مسألة الطلاق والزواج الثاني من أصعب القضايا التي تواجه الكنائس المسيحية في عصرنا الحالي. وتتفاوت مواقف الكنائس المسيحية فى جواز الطلاق.

فالكنيسة الكاثوليكية لا تسمح بالطلاق مطلقاَ، حتى بسبب الزنى، متى كان الزواج   صحيحا. ويعد الزواج باطلاً غير صحيح في حالة أثبات عدم موافقة الزوجين، وان الزواج تم تحت ضغط أو لحقه غش أو خداع متعمد.

ومبرر الكنيسة الكاثوليكية في التغاضي عن الطلاق بسبب الزنى، إن العبارة التي وردت في انجيل متى “إلا لسبب الزنا" لا تدلّ هنا على فكّ رباط الزواج، بل على مجرد الانفصال، ويتأكّد هذا المعنى في بقية الآية "ومَن تزوّج بمطلّقة يزني". و. لأنه ما فائدة الطلاق إذا كان كلا الطرفين لا يمكنه الزواج مرة ثانية. . وتعطى للطرفين "الانفصال" كفرصة للتفكير والتوبة والمصالحة. وفي حالة عدم التسامح، لا يبقى أمام للشريك الذي لم يزني إلا عيش هذه المحنة مسلما أمره لله.

 بينما تسمح الكنيسة الارثوذكسية الخلقيدونية (الروم الأرثوذكس) بالطلاق، إذا استحال استمرار الارتباط، ولا يحقق الزواج القصد الالهي منه، بحكم الرحمة.. ولا تسمح الكنائس غير الخلقيدونية (الاقباط والسريان والارمن) بالطلاق والزواج الثاني إلا في حالات الزنا أو وفاة أحد الزوجين.  وأغلب الكنائس البروتستانتية تسمح بالطلاق التوافقي بين الشخصين.

يؤدى هذا التشدد في إجازة الطلاق في للكنيستين الكاثوليكية والارثوذكسية الخلقيدونية إلى ارتباك في المجتمع المسيحى . وقد يدفع  أحد الزوجين   إلى تغيير مذهبه المسيحى ، وأحيانا إلى تغيير  ديانته .ولعل إحدى أشهر عواقب هذا التشدد في التاريخ الغربي قضية طلاق هنري الثامن ملك إنجلترا من كاثرين أراغون عام 1534 ، الذى قصم وحدة الكنيسة الغربية ، وأدى إلى فصل كنيسة  إنجلترا عن الكنيسىة الكاثوليكية ، وتأسيس الكنيسة الانجيليكانية   بسبب  رفض البابا منح الملك  ترخيص طلاقه.