حمدي رزق
مفهوم «العدالة الناجزة» يحتاج إلى تدقيق، فارق بين العدالة الناجزة والعدالة المتعجلة، وبينهما «العدالة المتأنية» التى تمحص الدوافع، وتسبب الأسباب، وتورد الحيثيات (كتابة) بتجرد بعيدا عن ضغط الرأى العام.
معلوم بعد صدور الحكم بالإعدام، حق المتهم (القاتل) فى محام معتمد ينقض الحكم، تمتينًا للعدالة وإحقاقًا للعدل، وللأستاذ «فريد الديب» أسبابه القانونية فى الدفاع عن (قاتل المنصورة) فى مرحلة النقض، وأتفهم وجهة نظره فى سياق رسالة المحاماة التى هى من حوكمة العدالة.
التعاطف مع «الذبيحة»، وشخصيًا متعاطف وقلبى مفطور، يجب ألا يحرفنا عن طلب العدل فى صورته البهية الجلية، هُنَيْهة، وَقْت قصير، لتبين الحيثيات، موقنين بأن العدل فى الأخير سيأخذ مجراه الطبيعى.
قد يظفر المتهم بمحام «فريد» مثل الأستاذ «فريد».. ماذا يمنع أن تحظى «الذبيحة» بمحامين ثقات متطوعين، فتعدل الكفة، ويتعادل ميزان العدالة، وهذا واجب مستوجب على قامات قانونية ذات باع بين ظهرانينا، تؤمن بحق المجنى عليها فى قصاص عادل؟!.
ما يعنينى هوية المتبرعين، ويقال إنهم «مصريون فى اليونان»، مهم الإفصاح والشفافية والاطلاع على أسبابهم فى تمويل نفقات هيئة الدفاع عن المتهم؟!.
نحن أمام قاتل معترف بجريمته ذبحًا، طالب لا يملك قوت يومه، وأسرته على فيض الكريم، من أين سقطت فوق رؤوسهم كل هذه الملايين، ومن له مصلحة فى إلقاء هذه الملايين تحت أقدام قاتل نحر ضحيته كالشاة ع الرصيف، ومن ذا الذى يهمه خارجيًا أو داخليًا فك حبل المشنقة من حول رقبته؟، ماذا يرومون تحديدا؟!
ليس خافيا على لبيب- واللبيب من الإشارة يفهم- الحشد والتمويل (خارجيًا)، ليس لوجه الله أو لوجه العدالة، ولا علشان خاطر عيون القاتل، ولا تعاطفا مع أهله.. أشك حتى أنهم يعرفون عنوان أهله، ولكن لفتن المجتمع من حول العدالة وإشاعة قتل (غير الملتزمات) بإملاءات تستبطنها جماعات باطنية تروم تطبيق «مانيفستو طالبان» فى المحروسة.
المطلوب زعزعة اليقين الجمعى، وإشاعة القتل والتقتيل، واستباحة الدماء، ورفع منسوب العنف والتوتر، فيرتجف الشارع، ترتعد فرائصه.. هو كان «مبروك عطية» بيهزر، كان أداة من أدوات مخطط بث الذعر ونشر الخوف وضرب الأمن المجتمعى فى صميمه.
لا تخيل علينا تمثيلية ملايين التبرعات.. هل فلوس التبرعات ميسورة هكذا؟.. طيب اسألوا مستشفيات السرطان عن حصيلة التبرعات السنوية لا تصل لملايين كالتى تُلقى تحت أقدام قاتل مع سبق الإصرار والترصد؟!.
وسؤال بسؤال: هل الضحية المغدورة دمها رخيص؟، ألا تستأهل تعاطفكم؟، أحياتها أرخص من حياة قاتلها؟.. دم نيرة فى رقبة الجميع بمن فيهم الأستاذ «فريد الديب»!!.
ومهما أوتى الأستاذ «فريد» من بلاغة قانونية (خبرة نصف قرن محاماة) لن يغير فى أحكام مستقرة فى ضمير المنصة العالية.. ولكن بدفاعه ينفى عن الحكم ما قد يشوبه من عوار قانونى، ويحق حق المتهم فى محاكمة مستوفاة الأركان المؤسسة للأحكام.
وللمفطورين قلبا على دماء الذبيحة، صبرًا.. لا تهنوا ولا تحزنوا، دم «نيرة» لن يضيع هدرًا، وفوق المنصة قضاة متجردون، وفوق الكل رحمنٌ رحيمٌ.. إله عادل رب الأنام.
نقلا عن المصرى اليوم