مراد وهبة
والسؤال إذًا: هل ثمة غياب مسيحى؟، إذا جاء الجواب بالسلب تكون العبارة الواردة في عنوان هذا المقال بلا معنى. أما إذا جاء الجواب بالإيجاب فيكون اللقاء الذي تم في دير الأنبا بيشوى في وادى النطرون في 20 مايو من هذا العام ولمدة خمسة أيام له معنى. وقد حضر ذلك اللقاء 17 بطريركًا ورئيس 21 كنيسة من 13 دولة وهم في مجملهم يكونون الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط. وهو أول لقاء يتم منذ تأسيس ذلك المجلس في عام 1974. والسؤال إذًا: لماذا التقوا؟ وجاء جوابهم: لتكوين رؤية مستقبلية لجميع شعوب المنطقة في سياق المعاناة من الحروب والحركات الإرهابية المتطرفة مما أدى إلى بزوغ مشكلات صعبة تتمثل في أعداد اللاجئين والمهاجرين. وكان من شأن ذلك كله إلغاء العقل.
وفى هذا السياق أيضاً قال قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية: نحن ندرك قيمة الإنسان ونحترم عقيدة وفكر كل واحد. وبعد يومين من ذلك اللقاء استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى بقصر الاتحادية رؤساء الكنائس المشاركين في ذلك اللقاء، وأكد لهم أن الأخوة المسيحيين في جميع الدول العربية هم جزء أصيل من نسيج المجتمع العربى، وأن المواطنة والحقوق المتساوية للجميع هي قيم ثابتة تمثل نهج الدولة المصرية تجاه جميع المواطنين مع نشر ثقافة التعددية وحرية الاعتقاد وفى المقابل مكافحة التعصب. وفى هذا السياق للمرة الثالثة يلزم إثارة سؤاليْن: لماذا تأخر ذلك اللقاء منذ ما يقرب من نصف قرن؟، وهل هذا التأخير مردود إلى انكفاء كل كنيسة على حالها؟، إذا جاء الجواب بالإيجاب يكون السؤال على النحو الآتى: هل هذا الانكفاء مردود إلى تشبث كل كنيسة بمعتقداتها بدعوى الاحتفاظ بنقائها؟، إذا جاء الجواب بالإيجاب يكون من اللازم إعادة النظر. ومن هنا تكون الرؤية المستقبلية المشتركة ضرورية بشرط أن تأتى مغايرة لأى رؤية ماضوية وهو الأمر الذي يستلزم إثارة الأسئلة الآتية: لماذا أصبح المسيحيون لاجئين ومهاجرين؟، أين يكمن السبب؟، هل يكمن في هاجس الاضطهاد والهلع من تعصب الإخوان المسلمين وإرهابهم؟، إذا جاء الجواب بالإيجاب فيلزم فتح ملفات المهاجرين من الشباب المسيحى للإسهام في تلبية رغبة مَنْ يريد العودة إلى وطنه لكى يستثمر خبراته التي اكتسبها من وجوده في دولة سبقتنا في تمثل منجزات الثورة الإلكترونية، ولكى يسهم في إزالة التعصب الذي أفرزه الإخوان المسلمون، وكانت الغاية منه تفكيك الدولة من أجل الاستيلاء على السلطة ثم إلحاقها بعد ذلك بدولة الملالى الأصولية الإرهابية في إيران. ولا أدل على ذلك مما حدث في لبنان عندما ادعى حزب الله أن غايته تدمير إسرائيل فالتف حوله الشعب اللبنانى. وفى نهاية المطاف دمر مرفأ بيروت فتفكك لبنان. ومن هنا اضطر البطريرك المارونى بطرس الراعى إلى مطالبة حزب الله بتسليم سلاحه إلى الجيش اللبنانى ولكنه امتنع عن تلبية الطلب. وعندئذ نشأ تحالف وطنى بين رئيس القوات سمير جعجع والنائب المنتخب عضواً في البرلمان أشرف ريفى الذي يمثل شريحة لبنانية سيادية للوقوف ضد المشروع الإيرانى ولإنجاز برامج علمانية في لبنان، وبذلك تكون العلمانية هي الحل وعندئذ يتحقق الحضور المسيحى.
نقلا عن المصرى اليوم