د. أمير فهمى زخارى المنيا
القس يوحنا الشفتشى.
نجح فرانسوا شامبيليون في فك رموز اللغة الهيروغليفية في عام ١٨٢٢ ولكن هذا النجاح لم يأت من فراغ أو بجهده وحده وأنما أستعان بكاهن قبطي يدعي يوحنا الشفتشي في مساعدته علي فك رموز اللغة الهيروغليفية وذلك عن طريق ربطها بقواعد اللغة القبطية.
ولد القس يوحنا في القاهرة ... لعائلة من صّياغ الذهب؛ فكلمة الشفتشي في اللغة العربية يستخدمها صائغ الذهب للدلالة على الخيوطه الدقيقة المنقوشة في حيز مفرّغ ولا يراها الناظر إلا في شفافية الضؤ؛ ولعل ما يدعم هذا الاستنتاج أن صياغة الذهب كانت حرفة متوارثة بين الأقباط منذ أقدم العصور.
عمل مترجما فوريا بمنطقة الجيزة وكاتبا أول في محكمة الشئون التجارية كما عمل بناء علي توصية من العالم الرياضي فورييه مترجما لدي اللجنة التي شكلها كليبر لجمع مواد تاريخ الحملة الفرنسية.
وعندما خرج الفيلق القبطي بقيادة المعلم يعقوب من مصر متوجها إلي فرنسا خرج معهم القس يوحنا ثم عمل كاهنا للأقباط المهاجرين واقام فى شارع سان روك بباريس وهناك قصده شامبيليون ليأخذ منه دروس فى تعليم اللغة القبطية لأنة كان مؤمن بأهمية اللغة القبطية لأنها التطور الطبيعي للغة الهيروغليفية لذا أفترض أن معرفته للغة القبطية سوف تساعده كثيرا في فك رموز اللغة الهيروغليفية..
وسجل هذا في مذكراته عندما ذكر..
سلمت نفسي بالكامل إلي اللغة القبطية.. لقد أصبحت قبطيا إلي درجة أن تسليتي الوحيدة الآن هي ترجمة كل ما يخطر علي بالي إلي اللغة القبطية .. ثم إني أتحدث إلي نفسي بالقبطية وقد تمكنت من هذه اللغة إلي درجة أنني قادر أن أعلم قواعدها لأي شخص خلال يوم واحد.. وتتبعت تسلسل الروابط التركيبية لهذه اللغة ثم حللت كل شيء تحليلا كاملا وهو ما سيعطيني دون أدني شك المفتاح اللازم لحل اللغز وفك شفرة نظام العلامات الهيروغليفية... وهو المفتاح الذي حتما سأعثر عليه...
وذكر شامبيليون ايضا فضل الكاهن القبطي يوحنا الشفتشي صراحة في مذكراته حين ذكر الخطاب الذى أرسله الى أخيه فكتب لة..
إنني ذاهب إلي كاهن قبطي يسكن في سانت روش في شارع سانت هونوري وهذا الكاهن يعلمني الأسماء القبطية وكيفية نطق الحروف..
وإنني أكرس الآن نفسي كلية لتعلم اللغة القبطية إذ أريد أن أتقن هذه اللغة مثلما أتقن الفرنسية..
وأن نجاحي في دراسة البرديات المصرية سيعتمد علي إتقاني لهذه اللغة القبطية.
كما ورد ذكر اسم ابونا يوحنا الشفتشي أيضا ضمن مجموعة العلماء الذين ساعدوا في إعداد كتاب وصف مصر.
وعثر أخيرا علي تزكية مؤرخة بتاريخ ٦ أبريل ١٨١٦ م تحمل توقيعات سبعة من أشهر العلماء الفرنسيين في القرن التاسع عشر يثنون فيها علي ثقافة القس يوحنا الشفتشي الواسعة مع الإشارة إلي زهده وتواضعه.
وفى عام ١٨٢٥ قرر القس يوحنا أن يغادر باريس الباردة واتجة إلي مرسيليا التماسا لمناخ أدفأ وأنسب لحالته الصحية وتنيح في نفس العام.
ويبقي اسم الكاهن القبطي المصرى يوحنا الشفتشي الجندي المجهول وراء هذا الإنجاز التاريخي.. الذي ساعد شامبيليون في فك حجر رشيد..
د. أمير فهمى زخارى المنيا