مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة المفرطة في المغرب، يتوجه أطفال وشباب القرى والمناطق النائية إلى السباحة في السدود ومجاري الأودية بحثا عن البرودة دون الوعي بخطورة هذه الأحواض.

 
وتبدو هذه السدود والأودية هادئة وآمنة للوهلة الأولى، لكنها تتسم بكثافة المياه وعمق يتجاوز 100 متر في بعض الأحيان، مما بتسبب في غرق عدد من الأطفال والشباب.
 
في هذا الصدد، تمكنت عناصر الوقاية المدنية (الدفاع المدني)، الخميس، بمدينتي سطات والجديدة (غرب البلاد) من انتشال ثلاث جثث لشباب لقوا حتفهم في أماكن متفرقة بواد أم الربيع  على الحدود بين إقليمي سطات والجديدة.
 
وقال شاهد عيان، في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية"، إنه بسبب درجة الحرارة المفرطة، لجأ ثلاثة شبان أعمارهم بين 21 و30 سنة، إلى الوادي من أجل السباحة، لكن بسبب خطورة التيار، لقوا مصرعهم غرقا.
 
وأضاف المصدر نفسه، أن اثنين من الشبان تم انتشالهما في جسر "بولعوان" ونقلا إلى مستشفى الحسن الثاني بمدينة سطات، فيما تم انتشال الثالث في بلدة أحد "أولاد فرج" وجرى نقله إلى مستشفى محمد الخامس بالجديدة، فيما فتحت السلطات الأمنية بحثا في الموضوع بأمر من النيابة العامة.
 
وتضاف تلك الفاجعة إلى حصيلة حوادث الغرق بواد أم الربيع الذي يتقاطع مع عدد من المناطق، وذلك بسبب غياب مسابح محروسة بالبلدات المجاورة للوادي.
 
ملاذ الأطفال والشباب
باتت السباحة في مجاري الأودية والسدود ملاذا لعشرات الأطفال والشباب، فجعلوها بديلا للشواطئ، وبسبب غياب مسابح سواء تابعة للبلديات التي يقطنوها أو أخرى خاصة، يجازفون بأرواحهم في ظل غياب التوعية  بخطورة السباحة في مجاري السواقي والأودية.
 
وفي الوقت الذي تشهد مجموعة من مناطق المملكة موجة حرارة مرتفعة، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديوهات وصور لأطفال وشباب يسبحون في مجاري الأودية والسدود مما يشكل خطرا على حياتهم، حيث تحولت هذه الأحواض المائية والسواقي من مكان يتوافد عليه الزوار من أجل الاستجمام إلى "مقبرة" تحصد عشرات الأرواح سنويا.
 
وأمام هذا الواقع المرير، يأمل المواطنون المغاربة القضاء على هذه الظاهرة التي باتوا يسمونها بـ "الفاجعة" لأنها تحصد سنويا أرواح عديدة، مطالبين باتخاذ إجراءات زجرية صارمة في حق المخالفين، لتفادي تكرار تلك الفواجع.
 
حملات توعية للحد من المخاطر
ومن أجل مكافحة وفيات الأطفال والشباب غرقا في السدود والأودية، أطلقت وكالات الحوض المائي (حكومية) في مختلف مناطق المغرب حملات توعية بهدف الحد من مخاطر السباحة في السدود ومجاري الأودية.
 
وحسب مدير وكالة الحوض المائي "لكير - زيز - غريس"، رشيد مداح، فإن حملة التوعية تسعى لتحذير المواطنات والمواطنين، لاسيما الشباب، بمخاطر السباحة في مياه السدود ومجاري الأودية وما تنطوي عليه من مخاطر قد تودي بحياتهم.
 
وللحد من هذه المخاطر، أكد مصدر مسؤول عن وكالة الحوض المائي في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأخيرة وضعت شعار :"الماء منبع حياتك.. لا تجعله سبب مماتك"، إلى جانب تنظيم أنشطة توعية من قبيل توزيع مجموعة صور وإرشادات.
 
وتشمل الحملة نشر مقاطع توعية عبر أهم المنابر الإعلامية الوطنية والمحلية، وكذلك اعتماد التواصل الرقمي من خلال نشر كبسولات على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
تضافر الجهود
وعلى صعيد آخر، أكدت لطيفة ياسيني، باحثة في علم الاجتماع في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية"، أنه رغم حملات التوعية التي تباشرها السلطات المحلية في عدد من المناطق حول مخاطر السباحة في مجاري الأودية والسدود، تبقى غير كافية نظرا لوجود صعوبات في مراقبة عددها الكبير وشساعة مساحتها، مما يتطلب تظافر جهود كل الجهات المعنية للحد من حالات الغرق في صفوف الشباب والأطفال.
 
وشددت ياسيني، على ضرورة توفير أماكن بديلة لأطفال وشباب المناطق النائية الذي يعانون غياب مسابح عمومية بمعايير معترف بها بدل فقدان عشرات الضحايا سنويا، كما دعت إلى حراسة ومراقبة السدود ومجاري الأودية للحد من ظاهرة السباحة بها.
 
ومن جهته، أوضح عبد النور قنديسي، خبير في القانون، أنه بعد غرق الأطفال في السدود ومجاري الأودية تقوم السلطات القضائية في مرحلة البحث التمهيدي، بالتدقيق في إحداث تلك الحفر والمجاري التي تسببت في الحادث الذي تسبب في وفاة العديد من الأطفال غرقا.
 
وأشار قنديسي، إلى أنه بعد تحري القضاء في موضوع الغرق، يتم تحديد المسؤوليات في المرحلة الأولى من خلال الاستماع إلى الشهود والبحث والمعاينة، وذلك قبل إرسال المحاضر إلى النيابة العامة المختصة لحجزها للدراسة وإصدار التعليمات المناسبة.