خالد منتصر
حكايات الانفصال فى فترة الخطوبة وما قبل الزواج الرسمى صارت تقترب من مسرح العبث، كل يوم أسمع حكاية أكثر سريالية من سابقتها، حكايات وقصص تنتمى للكوميديا السوداء التى فيها ملح الدمع ممزوج بمرارة السخرية، كنت مدعواً على حفل زفاف ابن صديق وفجأة وأنا أسأله عن تفاصيل المكان.. إلخ، وجدته يقول لى بأسى «الجوازة اتفشكلت»! أخذتنى الدهشة ولم أستطع كتمان فضولى وسألت عن السبب، فقال لى «القايمة»، سمعت تفاصيل مخجلة وأرقاماً عجيبة وغريبة، ومفاوضات تقترب من اسكتشات المونولوجات الرديئة فى مسارح بير السلم، جوازه تبوظ عشان نكتب التلاجة والتليفزيون فى القايمة ولا لأ، والقايمة لازم تبقى بمليون جنيه.. إلى آخر هذا الهراء والعبط، أب يأتمن رجلاً على ابنته وخايف على تلاجة وطقم صينى ونيش! لا كلام عن حب أو عشرة أو أحاسيس أو عواطف أو مشاعر، الكلام عن فخار وصاج وبلاستيك، غير القايمة هناك تفاصيل أعجب من العجب تكون هى السبب فى الانفصال.
وما سأحكيه وأذكره من أمثلة ليست طرائف ولا نكاتاً ولا كوميكس، إنها حقائق ووقائع سمعتها وشاهدتها، هناك من فسخ خطوبته بسبب إصرار أهل خطيبته على الباركيه المسمار، وأبوه مصر على الباركيه اللزق! ولم يصل الطرفان إلى حل وسط، وهناك من انفصل لأن مافيش «بيديه» فى الحمام بجانب التواليت! فشقيقة العروس قد دخلت بـ«بيديه» وهى مش أقل منها! وهناك من انفصل قبل الفرح بيوم عشان جزمة وفستان العروسة على مين، وهناك من أقسم بالطلاق على مطرب معين فى الفرح والطرف الآخر قال له حنمشيها «دى جى»، وهناك من ألقى بالشبكة فى وجه خطيبته لأنها طلبت شهر العسل فى المالديف وهو عايزه فى بلطيم! ناهيك عن آلاف الخطوبات التى فشلت بسبب الخلاف على خاتم الشبكة كام قيراط من الألماظ!.
يا جماعة سهلوا الدنيا، يا جماعة الأسر المصرية العزيزة كفاكم تعقيدات وتدخلات وصعوبات وتفاهات، الشباب مشتت ومخنوق أصلاً، وسن الزواج تأخر، والجيل الجديد كره كلمة زواج أصلاً، ونسب الطلاق فى مصر أصبحت فلكية، ومنتهى الحرام ومنتهى القسوة ومنتهى اللامنطق ومنتهى الحماقة والغباء، أن يتحول الزواج إلى صفقة، وأن يصبح الحديث بين عائلة العريس والعروسة وكأنه عقد بيع دابة من الدواب -لا مؤاخذة- أو سيارة! الزواج سكن يفرح الوجدان لا تحولوه إلى سكِّينة تذبح الإنسان! الزواج علاقة ود وحب لا تحولوه إلى سمسرة وبيزنس، يكفى الشباب ما يعيشونه من معافرة فى الحياة حتى يكفى كل منهم قوته بالكاد، ويكفى البنات ما يعانينه من قهر وكبت، الزواج مؤسسة تعاون لا ينفع فيها العناد، شراكة لا يجدى فيها «دبح القطة» وفرد العضلات، سهلوها عليهم يسهلها عليكم ربنا.
نقلا عن الوطن