عيد اسطفانوس
رأيى أن اشراك مؤسسات  أو تيارات دينية فى خطة اقصاء الاخوان عن الحكم فى مصر  كان خطأ  فادح ، خطأ تدفع السلطة الآن ثمنه  كل يوم ، فقد تغول الازهر والسلفيون واعتبروا أنفسهم  شركاء حكم وحتى الكنيسة يعتقد البعض أيضا انها ابتزت السلطة وضغطت لاستصدار مئات القرارات بتقنين أوضاع كنائس ومقرات أنشطه دينية   وفى رأيى أيضا أنه  اعتقاد مغلوط  ، وقد كان لهذا الخطأ ــ خطأ اشراك المؤسسة أوالتيارات الدينية ــ تبعاته فقد غلت يد السلطة فى محاولات تحجيمهم لاسيما وقد نجحوا بالتعاون مع خلايا الاخوان الكامنه والمموهه فى تجييش الكثيرين ضد الدولة وتوجهاتها ، وخصوصا توجه ارساء أركان دولة مواطنه مدنية يتساوى فيها الناس حقوقا وواجبات .

فقد بات واضحا للعيان أن هناك صداما معلنا حينا ومستترا أحيانا  بين القيادة السياسية والازهر بالذات ، والازهر يستند الى شعبية شيخه باعتباره المدافع الأول عن الدين  ــ أو هكذا يعتقدون  ــ بالاضافة الى الاخوان والسلفيين  ، الاخوان يناصرون  الشيخ ليس حبا فى الشيخ فقد سبق وسبوه ولعنوه فى فترة حكمهم ولكن نكاية فى الرئيس وبمبدأ عدو عدوى صديقى ،والسلفيون يناصرون الأزهر كعباءه ينضوون تحتها مؤقتا لاسباب لوجستية بحته حيث لم يعد لكيانهم الرئيس ــ الشرعية وأنصار السنه ــ نفس الحضور والتأثير اللتان كانتا تتمعان به فى السابق ، ساعد على ذلك أيضا سياسة تصادمية غير مبرره اتبعتها القيادة السياسية مع تيارات كانت هى المقاوم الرئيس لأفكار وتوجهات التيارات الدينية فى عنفوان قوتها وهم من كانوا المحرك الاول للارهاصات الاولى لثورة يناير وعلى سبيل المثال كفاية و6 أبريل  ونشطاء كثر غيرهم فرادى ومجموعات لم يتخذوا العنف وسيله  وغير منضوين  تحت أى كيانات ايديولوجية ، هؤلاء انسحبوا من الحياه السياسية أو انضموا للتيار الرئيس المناوئ للسلطه وبالطبع هو التيار الدينى المتمثل فى خلايا الاخوان الكامنه فى كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة الدينية الرسمية بالاضافة للسلفيين الذين يتبعون الآن مبدأ التقية مع السلطة ( لحين التمكين ).

والغريب أنه سيناريو قديم متكرر منذ قيام ثورة  يوليو أو الجمهوريه الاولى حيث أشرك  تنظيم الضباط الاحرار بزعامة جمال عبد الناصر تنظيم الاخوان فى ازاحة الملك ثم قذف بهم فى غياهب السجون وبقية المشهد الهزلى معروف ،ونفس الخطأ وبنفس السيناريو  استدعى السادات الاخوان من منافيهم  وأخرجهم من السجون لاشراكهم فى ازاحة الناصريين ثم قذف بهم فى السجون وبقية المشهد الدموى لازال عالقا بالأذهان ، وجاء مبارك وأخرجهم أيضا من السجون وأطلق لهم العنان مقابل صفقة توريث فاشله .

وان كان الاول قد نجا منهم وتغذى بهم قبل أن يتعشوا به الا أن الثانى وقد تركهم يتوغلوا ويتغولوا فلم يستطع كبح جماحهم الدموى فقتلوه شر قتله ، أما الثالث فقد حاولو قتله مرارا ولكنه نجا بأعجوبه وعندما دانت لهم السلطه أهانوه فى المحاكم محمولا على نقالة ، أما الأخير ــ وقد حاولوا قتله أيضا ــ فالواقع على الساحة الآن يعزز موقفه ويكبح جماح أعداؤه ــ ولو مؤقتا ــ بهذ الكم المبهر من المشاريع وخصوصا مشاريع البنى التحتية ، كما وأن التحركات الذكية والكاريزما التى يتمتع بها حشدت له رصيدا لابأس به من القبول فى  المجتمع الدولى وأعضائه المؤثرين ناهيك عن شعبية نالها بأسلوبه العاطفى المتفرد.

ولهذه الاسباب وغيرها أرى أن الجمهورية الجديدة  كان يمكن أن تنطلق أسرع لو لم يرتكب  الخطأ القديم وكان يمكن للجيش أن يتخلص من هؤلاء منفردا وقد كان معه  ارادة شعبية جارفة ولم يكن بحاجه الى دعم من مؤسسات أو تيارات دينية أو غير دينية، ويقينى أن ٌقرار تصحيح هذا الخطأ أى اخراج أى تيارات أو شخصيات منضوية  تحت لواء الدين وابعاد أى تأثير لها من منظومة بناء مصر حديثة أو جمهورية جديدة ، نقول أن هذا القرار سيحتاج الى فكر حصيف ودراسة متأنيه لأن مصر فى حاجه للانطلاق الى المستقبل بفكر جديد فكر دولة المواطنة والقانون والدستور الذى يسوى بين كل البشر بغض النظر عن أديانهم أو أعراقهم أو الوانهم أو أجناسهم .