نجاح بولس
علق الباحث القبطى نجاح بولس على بعض المنتقدين لظهور بعض الشباب اثناء القداس الالهى مع قداسة البابا تواضروس الثانى فى النمسا ذو الشعر الطويل وقال حول الصورة دي انا لي تعقيب متعلق بمجال تخصصي وإهتمامي والحتة اللي بافهم فيها ، واللي مرتبطة بموضوع إدماج الأجيال الجديدة بالمهجر داخل وعاء الهوية القبطية بصفة خاصة والهوية المصرية بصفة عامة ، وماليش دعوة بهري الفريسيين المعتاد
وتابع " لما يكون عندي حوالي خمس ملايين مهاجر مصري بالخارج منهم حوالي أربعة ملايين مسيحي قبطي ، يبقى أنا باتكلم عن قوة بشرية كبيرة لها خصائص مميزة إقتصادياً وتعليمياً فضلاً عن الخبرات العملية في كافة التخصصات ، والعدد دا مع الوقت سيتضاعف كل حوالي ٢٠ سنة سواء بالإنجاب أو بمزيد من عدد المهاجرين
يبقى كدة أنا كدولة أولاً وكمؤسسة كنسية ثانياً علي مسئولية إدماج الملايين دي داخل بوتقة الهوية المصرية والقبطية ، وخصوصاً الأجيال الجديدة المولودة أو المتربية في المهجر ، لان الأجيال دي وخصوصاً إبتداء من الجيل الثالث فلاحقًا هم أكثر العناصر المهددة بفقدان هوية الوطن الأم، نتيجة الذوبان التدريجي في الثقافة المستضيفة
والمسئولية دي بتفرض علي كمؤسسات مسئولة إستحداث آليات مناسبة للتعامل مع الثروة البشرية الهائلة دي ، بحيث يؤخذ في الإعتبار الثقافة المحيطة بهم في المجتمعات المستضيفة واللي مش بالضرورة تكون نسخة متطابقة من الثقافة بتاعتي وخصوصاً فيما يتعلق بالأمور الاجتماعية ونمط الحياة بعيداً عن منظومة القيم الأخلاقية
وكمؤسسة كنسية لازم يكون عندي وعي كرازي حديث ، لان الكنيسة القبطية بقالها ٢٠ قرن بتخاطب الجمهور القبطي وبعض الشعوب الأفريقية ذات العادات والتقاليد المتقاربة مع الأقباط ، ولكن دلوقتي الأمر إختلف وأصبح الخطاب الكنسي موجه كخطاب كرازي لكل الثقافات حول العالم ، حتى ولو الجمهور المتلقي من المهاجرين الأقباط لكنهم ليسوا خليطاً متجانس سواء ثقافياً أو إجتماعياً ، ودا يفرض على المؤسسة الكنسية إستحداث خطاب معاصر ومتغير ومرن وقابل للتشكيل حسب الثقافة المحيطة بالجمهور المستفيد من الخطاب ، سواء كانوا مهاجرين أقباط أو مواطنين من جنسيات أخرى
ولازم نعرف ان التنوع الثقافي هو الأساس اللي إنتشرت عليه المسيحية حول العالم ، وكل كارز ذهب الى مجتمع ليبشر فيه قام بعملية تطويع وإدماج ومصالحة بين العادات والتقاليد الثقافية السائدة وبين العقيدة الجديدة ، فسادت وإنتشرت المسيحية حول العالم بنفس المفهوم اللاهوتي مع إختلافات في التطبيق والأطر الثقافية المستخدمة لتشكيل الوعاء الديني كمفهوم وممارسة
وخير دليل على ذلك الكنيسة القبطية التي تمارس نشاطها الديني المسيحي كمعتقد بطقوس ووعاء مصري فرعوني أصيل ، يظهر جلياً في الألحان القبطية ذات الأصول الفرعونية وطقوس الزواج والتجنيز والأعياد الدينية المميزة للهوية القبطية الجامعة ما بين المسيحية كعقيدة والقبطية والفرعونية كهوية ثقافية
وهكذا إستفادت الكنيسة الكاثوليكية من تجربة الكرازة المسيحية التبشيرية لتصبح الكنيسة المسكونية الأولى في العالم المسيحي ، فوحدت إيمانها ومعتقدها حول العالم ، بينما تركت للمجتمع تحديد الأطر الثقافية الأخرى المتعلقة بطقوس الصلاة والأصوام وغيرها من الأبعاد الدينية المرتبطة بالنسق الثقافي للشعوب وليس المعتقد اللاهوتي ، فنجد كنائس كاثوليكية حول العالم تحت رئاسة واحدة في الڤاتيكان ، بينما تختلف جميعها في أساليب العبادة وكل الطقوس الدينية الأخرى 👍
فنجد الكنيسة الكاثوليكية المصرية على سبيل المثال تابعة للرئاسة الكاثوليكية بالفاتيكان بينما كل طقوسها قبطية خالصة ، ومرتبطة بطقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في كافة أشكالها 🤔
وعليه .. فأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عليها مسئولية تجاه أبنائها بالداخل والخارج ، وأمامها في ذلك خيارين إما الإنفتاح والكرازة ، إما التقوقع والجمود ، فلو أرادت إدماج الأجيال الجديدة بالمهجر ، والحفاظ عليهم كإمتداد للكنيسة والهوية القبطية بالخارج ، فعليها أن تنفتح على كافة الثقافات الممثلة لأولئك المهاجرين ، وتطوير الخطاب الكنسي الموجه لهم حسب الثقافة السائدة بالمجتمع المستضيف ، وأما خيارات الجمود والتقوقع بحجج مغلوطة وبتأويلات رجعية وبتدخلات تصل للملبس والمأكل وقصة الشعر وحجم الحواجب ، فعليها أن تتأكد وتقبل بخسارة تلك الملايين من الأجيال الصاعدة ، وتتحمل مسئولية إخراجهم بعيداً عن إيمان الكنيسة وخارج بوتقة الهوية القبطية الجامعة لكافة الإنتماءات الدينية والوطنية