تشهد الجزائر في السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا للنساء والفتيات على عمليات التجميل وخاصة حقن " الفيلر" وهو ما دفع بأصحاب صالونات الحلاقة وغير الأطباء للاستثمار في هذه التجارة المربحة، بعد حصولهم على دورات تأهيلية في الخارج.
ويحاول أصحاب محالات الحلاقة استقطب الفتيات اللواتي يبحثن عن وجه مشرق خال من العيوب، وإزالة التجاعيد، والتخلص من الهالات السوداء، ونفخ الشفايف، وذلك بأسعار تنافسية.
وإلى وقت قريب لم تكن عمليات التجميل معروفة في الجزائر، حيث كان المواطنون الذين يرغبون في الحصول على لمسة جديدة للبشرة أو تغيير في ملامح الوجه ملزمون بالسفر للخارج وهو ما يكلفهم أموالا كبيرة.
من صلاحيات الأطباء فقط
وتؤكد الطبيبة الجزائرية ليبجيري بسمة المتخصصة في مجال التجميل الطبي والتغذية العلاجية أن الجزائر أصبحت في السنوات الأخيرة سوقا كبيرا لهذا النوع من الطب.
وقالت ليبجيري لموقع سكاي نيوز عربية: "يجب التفريق بين الجراحة التجميلية والطب التجميلي، وحقن الفيلر تندرج في التخصص الثاني وهي صلاحيات الأطباء فقط".
هوس تقليد المشاهير
وأكدت الطبيبة الجزائرية أن الاستهزاء بحقن الفيلر بإمكانه أن يخلف تشوهات كبيرة في الوجه وقد يؤدي إلى العمى وحرق الجلد وأضرار خطيرة على خلايا البشرة منها نحر الأنسجة التي لا يمكن إصلاحها حتى عبر الجراحة التجميلية ".
وقالت ليبجيري:"حقن الحمض هي من تخصص الأطباء فقط، فحتى الممرضات لا يحق لهن إعطاؤها للمرضى، نحن اليوم بحاجة إلى توعية كبيرة، ورقابة صارمة لتنظم سوق طب التجميل في الجزائر ".
أسعار مغرية
وفي ظل هذا الوضع، يواصل عدد كبير من الأشخاص ممارسة الطب التجميلي بشكل غير قانوني في صالونات الحلاقة الخاصة بالنساء وحتى في الأقبية وبطرق سرية، وذلك مباشرة بعد حصولهم على دورات بمراكز التأهيل الخاصة بطب التجميل في الخارج التي تقدم شهادات في طب التجميل وذلك بعد أقل من شهر في الدراسة.
ويحذر الأطباء من أصحاب شهادات الدورات التأهيلية الذين ينتشرون بكثرة خاصة في محلات الحلاقة.
وقالت الطبيبة المتخصصة في الطب التجميلي:" تلك الشهادات تشكل خطرا على صحة المواطنين ويجب مراقبتها ".
وحسب برنامج إحدى الدورات المتخصصة في طب التجميل، فإن الدورة تشمل التأهيل في سحب العين وفصلها بجهاز خاص، والتدريب على كيفية استخدام حقن التجميل وحقن البلازما التجميلية والتقشير الكيميائي وغيرها من الأمور التي تندرج مباشرة في تخصص الطب التجميلي الجامعي.
ويقدم أصحاب تلك الشهادات، عروضا مغرية لزبائنهم، تتراوح ما بين 200 إلى 600 دولار وهو مبلغ بسيطة مقارنة بالعروض التي تقدمها المراكز التجميلية في الدول الأخرى.
ورغم ذلك تبقى الجزائر من بين أقل الدول التي تعرف انتشارا لعمليات التجميل بالفيلر، خاصة بالنسبة لنفخ الشفاه وذلك بالنظر إلى القيود الاجتماعية والعادات والتقاليد.
وقوانين ردعية
وقد سعى المشرع الجزائري لتنظيم هذه المهنة وغيرها من المهن المتعلقة بقطاع الصحة وذلك وفق نص قانون الصحة الجزائري الصادر عام 2018، والذي حدد صفات الأشخاص المخول لهم ممارسة النشاطات المتعلقة بالطب الإنساني والصيدلاني وشبه الطبي.
وقال المحامي الجزائري فاروق سليماني لموقع سكاي نيوز عربية:" الشهادات التي يتحصل عليها البعض بعد دورات تكوينية في الطب التجميلي هي شهادات لا تعطي صاحبها أي صفة قانونية لحقن الناس بالفيلر، تلك الشهادات لا قيمة قانونية لها في القانون الجزائري ".
وأضاف المحامي الجزائري: “حسب القانون هم ليسوا تقنيين ولا أطباء، وهناك عقوبات قاسية سنها المشرع ضد كل من يتسبب في وفاة أو تشويه وجه أي شخص عن طرق حقن الفيلر".
وحسب خبراء القانون، فإن العديد من ضحايا الفيلر في الجزائر، يفضلون عدم تناول قصتهم إعلاميا أو معالجة الموضوع عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك خوفا من التشهير والتنمر والسخرية التي قد يتعرضون إليها.
وقال سليماني: “عمليات الفيلر التي تنشط في محلات الحلاقة أو خارج العيادات الطبية، وسواء تسبب للضحية في تشوهات أم لا، فالقانون يعاقب من يمارس هذا النشاط دون رخصة، وهم مجرمون توجه لهم تهمة انتحال صفة طبيب".