ابينا مثلث الطوبى والرحمات قداسه البابا شنوده الثالث .
اعدها لنا الباحث : مجدى سعدالله
للقديسه العذراء فضائل عديدة جدا . لعل فى مقدمتها الاتضاع والاحتمال . والتعب فى خدمة الاخرين مثل تعبها فى رحله الزيارة الى اليصابات وخدمتها . مع انها شابه فى حوالى السادسه عشر من عمرها . وتعبها ايضا فى رحلتها الى مصر ذهابا وايابا . واحتمالها مشقه الطريق .
وتعبها داخل مصر حينما كانوا يطردون العائله المقدسه من بلد الى بلد بسبب سقوط الاصنام التى يعبدها المصريين وقتذاك الى جوار احتمالها التعب النفساني حينما كانت ارى اضطهادات القيادات الدينيه اليهوديه لابنها . وايضا احتمالها لصلبه .
ولما كان من اهم تكريمنا للسيدة العذراء ان نقتدى بها . فاننى اود ان اذكر كيف نقتدى بها فى الاحتمال . ومنها مقدار احتمال التعب فى الخدمه . وقد شرح القديس بولس الرسول كيف تعب فى الخدمه اكثر من جميع الرسل . وقال ان كل انسان سياخذ اجرته بحسب تعبه .
وهنا احب ان انبه الاباء الكهنه الى اهميه التعب فى افتقاد الناس وفى حل مشاكلهم . وكذلك انبه جميع الخدام الى الاهتمام بالتعب فى الخدمه . واذكر قصه الراهب الذى كان يتعب فى خدمه الشيوخ واحضار الماء لهم من مكان بعيد . فلما ثقل عليه التعب راى وراءه ملاكا يكتب شيئا . فقال له الملاك : اننى اكتب كل خطوة تخطوها فى خدمه اولئك الشيوخ . لكى يمنحك الله اجرا عليها . حينئذ تعزى ذلك الراهب وأزداد بذلا .
ومن انواع الاحتمال ايضا . احتمال الظلم ونذكر مثالا لذلك يوسف الصديق الذى احتمل الظلم من اخوته . وقد باعوه عبدا . واحتمل الظلم من امراة فوطيفار التى اشتكته وادعت عليه على الرغم من انها كانت المخطئه . واحتمل الظلم من فوطيفار ايضا الذى اخذه والقاه فى السجن على الرغم من انه كان مخلصا له جدا . وبسبب احتمال يوسف الصديق كافاه الله كثيرا وجعله الثانى فى مملكه مصر .
وهناك ايضا احتمال العوز والفقر والجوع ومن نواحى الاحتمال ايضا احتمال المرض . ونذكر مثالا لذلك ايوب الصديق الذى احتمل مرضا مؤلما من قمه راسه الى اخمص قدميه . وقال لزوجته : هل الخير من الله نقبل والشر لا نقبل ؟؟
ومن اسمى انواع الاحتمال . احتمال المجد والكرامه . ونذكر هنا ان القديسه العذراء قد احتملت مجد التجسد الالهى فى ظهور رئيس الملائكه جبرائيل لها وتبشيرها بعمل الروح القدس فيها . وبان القدوس المولود منها يدعى ابن الله . واحتملت الظهورات المقدسه . ومجىً المجوس اليها . وسجودهم لابنها . وتقديمهم الهدايا ذهبا ولبانا ومرا .
واحتملت امجادا كثيرة تحيط بابنها . كل ذلك دون ان تفتخر او تتعالى . بل كانت (تحفظ كل هذه الامور متامله بها فى قلبها ) حقا كما قال القديس انطونيوس الكبير ( هناك من يستطيعون احتمال الاساءة ولا يستطيعون احتمال الكرامه . لان احتمال الكرامة اصعب من احتمال الاهانة )
هناك نوع اخر من الاحتمال قد اختبرته القديسه العذراء مريم . وهو احتمال ترك المشيئة . فما كانت تظن يوما انها ستحبل وتلد ولكن لما اخبرها الملاك ان هذه ارادة الله . اجابت ( ليكن لى كقولك )
من انواع الاحتمال : احتمال انتظار الرب . فقد يصلى الانسان ويطلب طلبه معينه وتمر فترة طويله ولا يشعر انه قد نال مراده وربما يتذمر على الرب ويعاتبه . ابانا ابراهيم وعده الرب ان يمنحه نسلا ومرت سنوات طويله جدا ولم ينل هذا النسل . فلجا الى الزواج من هاجر برغبه ونصيحه من زوجته سارة فى عدم الانتظار
نقرا فى المزمور ( اللهم التفت الى معونتى يارب اسرع واعنى ) وعبارة اسرع تدل على ان المصلى لم يحتمل الانتظار .
ان الله تبارك اسمع يقدم لنا اكبر مثال للاحتمال . وهو ذاته وقد احتمل الامم سنوات طويله . وهم يعبدون غيره من انواع عبادات متعددة . وهكذا احتمل الوثنيه حتى عادت وامنت به . وقد احتمل الشيوعيه فى روسيا لمدة سبعين عاما . وهم يشيعون ان لا اله . وايضا احتمل الخطاة حتى يتوبوا .
احتمل اوغسطينوس . وموسى الاسود . ومريم القبطيه وغيرهم . الى ان تحول هؤلاءالى قديسين . ولم يتوبوا فقط . بل نموا فى حياة الفضيله الى دراجات عاليه . واحتمل اللص اليمين طول حياته . الى ان ذكره هذا اللص على الصليب .
ونرى امثله اخرى الاحتمال فى موسى النبى الذى احتمل شعبا متذمرا لسنوات عديدة . بل انه اكثر من هذا كان يدافع عنهم امام الله ويمنعه من افنائهم .
ونرى مثالا اخر فى الاحتمال : داود النبى والملك الذى احتمل ابنه ابشالوم الذى نافسه فى الملك . واقام جيشا يحاربه . ودخل على جواريه . ولما قتل ابشالوم فى الحرب . بكى عليه داود وقال ( ياابشالوم ياابنى ليتنى مت عوضا عنك )
الاحتمال وصيه الهيه فيقول الكتاب :
( محتملين بعضكم بعضا ) اف 2:4 (وايضا اطلب اليكم ايها الاقوياء ان تحتملوا ضعفات الضعفاء ) رو 1:1 وايضا
( المحبه تحتمل كل شىء لانها لا تطلب ما لنفسها ) ويقول القديس بولس :
( نشتم فنبارك . نضطهد فنحتمل )
ام لماذا نحتمل ؟ فاننا نحتمل اخطاء الاخرين كما احتملنا الله . وكما يحتملنا .
الاحتمال يدل على الوداعه وطول البال وسعه القلب . الرب فى احتماله لاخطائنا يلتمس العذر لنا كما قال الرب على الصليب طالبا المغفرة لصاليبه لانهم لا يدرون ماذا يفعلون .
بركات وصلوات وشفاعات امنا العذراء القديسه مريم تشملنا جميعا .