مع صعوبة التنبؤ بموعد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية، واهتزاز اقتصاديات أوروبا وأميركا تحت وطأة تبعات الحرب وتعثر إمدادات الطاقة وحركة التجارة، يطفو مجددا التساؤل عمن سيتكلف فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا.

 
ويرى خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه رغم الأزمات الاقتصادية التي تضرب أوروبا والولايات المتحدة، إلا أنه يصعب أن يتخلوا عن كييف، حتى لا تفلت بأي شكل من المعسكر الغربي وتسقط في يد روسيا.
 
وشهدت الأيام الماضية، تحركات أميركية وأوروبية بشأن إعادة إعمار أوكرانيا، وأعلنت واشنطن تقديم 500 مليون دولار من أموال المانحين في صندوق الاستجابة للأزمات التابع للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، في إطار الاتفاقية المشتركة بين واشنطن والبنك الأوروبي.
 
 وشددت مساعدة وزيرة التجارة الدولية والتنمية الأميركية أليكسيا لاتورتو، على تضامن بلادها مع الشعب الأوكراني وتعزيز عمل القطاع الخاص في إعادة البناء.
 
ويستخدم البنك الأوروبي، تمويل المانحين في توفير السلع الأساسية والأدوية للمدنيين، وضمان أمن الطاقة في المدن، لينجح في استثمار 650 مليون يورو.
 
 وأرسلت ألمانيا وزيري الداخلية والشؤون الاجتماعية إلى كييف، الشهر الماضي، لإجراء مناقشات حول الإعمار بعدما وعد المستشار الألماني أولاف شولتز، بتقديم دعم طويل الأمد في هذا الملف، واصفا الجهود المطلوبة بأنها "خطة مارشال"، في إشارة للمبادرة الأميركية لإعادة بناء أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية.
 
وبالمثل أعلنت التشيك المشاركة في مهمة إعادة إعمار منطقة دنيبروبتروفسك، مع إسكان النازحين.
 
مؤتمر لوغانو
ويمارس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضغوطا على حلفائه ليبادروا لإعادة الإعمار، وفي يوليو أعلن خلال مؤتمر "لوغانو" بسويسرا، أن الإعمار يتطلب 750 مليار دولار.
 
ونوه إلى أن من وسائل تمويل إعادة البناء مصادرة أصول روسيا والأثرياء الروس المقدرة بين 300- 500 مليار دولار.
 
وعلى الفور استجابت رئيسة المفوضية الأوروبية، أرسولا فون دير لاين، لهذا المقترح، وتحدثت عن إعداد إطار قانوني لنقل الأصول الروسية المجمدة لملف إعمار أوكرانيا.

 من يتحمل الفاتورة؟
وتعليقا على إمكانية تحمل الغرب مهمة إعادة بناء أوكرانيا رغم التبعات الاقتصادية، يرى الخبير في الأمن الدولي جاسم محمد، أن الولايات المتحدة وأوروبا هم من سيتحمل هذه الفاتورة الثقيلة، خاصة وأنهم وعدوا بذلك في مؤتمر المانحين في مايو، وجمعت الدول المانحة حوالي 6 مليارات يورو.
 
ويستبعد محمد، أن تتخلي أوروبا عن كييف؛ لأنها تسعى لترسيخ وجودها في المعسكر الغربي في مواجهة روسيا.
 
ومن جانبه يجد مسعود معلوف، الدبلوماسي السابق وخبير الشؤون الأميركية، أنه في كل الأحوال تتحمل الدول الغربية تمويل إعادة الإعمار، علاوة على إعادة تأهيل القوات الأوكرانية تمكينا لها من الاستمرار في مواجهة موسكو.
 
غير أنه يشير لصعوبة حجز الأصول الروسية في أوروبا وتوظيفها في إعادة البناء؛ نظرا لأن الأمر سيتوقف على كيفية انتهاء الحرب، وفي حال لم يحدث توقيع على معاهدة سلام بين موسكو وكييف، وظلت العقوبات الغربية مفروضة على روسيا، فإن استخدام الأصول الروسية سيصبح أمرا صعبا.
 
ومن تحديات إعادة الإعمار طول أمد الحرب؛ أن الغرب يريد إنهاك موسكو اقتصاديا لمنعها من أي مغامرات عسكرية جديدة، بحسب معلوف.
 
 ومنذ بدء الحرب، فبراير الماضي، قدمت دول أوروبية أمولا ضخمة لدعم الجيش الأوكراني، وجمعت السويد وبولندا بدعم المفوضية الأوروبية 6.5 مليار دولار في مؤتمر للمانحين لصالح أوكرانيا، وتعهدت المفوضية بمساعدة اللاجئين بحوالي 200 مليون يورو.
 
وتقدمت 11 دولة من الاتحاد الأوروبي باقتراح إنشاء صندوق للرعاية الصحية للاجئين، وأقر المجلس الأوروبي ميزانية 3.5 مليار يورو كمنحة للدول المستقبلة لهم.