دكتور كمال مغيث
فى زمن محمد على سنة ١٨٣٧ أنشأت المدرسة التجهيزية لتعد الطلاب بالتكوين العلمى اللازم لابتعاثهم إلى أوربا لاستكمال الدراسة العالية والتخصصية، ولذلك احتوت مقررات تلك المدرسة على مختلف العلوم: آداب وتاريخ وجغرافيا ورياضيات وهندسة ولغات حية وعلوم وغيرها، ومن خريجى هذه المدرسة سواء من نجحوا فى مواصلة تعليمهم وابتعاثهم فى بعثات خارجية، أو من توقفوا عند الحصول على شهادتها فعلوا فى دواوين الحكومة وإداراتها ومؤسساتها، من هؤلاء جميعا تشكلت فئة " الأفندية" والمثقفين، التى غيرت تاريخ مصر ومنحتها شكلها الحديث فى السياسة والصحافة والأدب والعمارة والقانون والرياضة والفنون والموسيقى وغيرها، واعتبرت من وقتها أهم حدث تعليمى ووطنى فى مصر..

ولذلك حرصت الدولة على أن تشمله امتحانها برعايتها وتضمن له الحيدة والنزاهة والموضوعية
وفى زمن الخديو توفيق (١٨٧٩-١٨٩٢) كان الإمتحان الشفوى للشهادة التجهيزية يعقد بحضور الخديوى ومجلس النظار والنواب والأعيان، وتعزف الموسيقى الخديوية مع نجاح كل طالب يعلن اسمه ويمنحه الخديو مكافأة مالية

وتغيرت بالتجهيزية الظروف والأحوال فاختلفت سنوات دراستها بين أربع وخمس سنوات، وتغيرت مراحلها ومسميات شهادتها بين الكفاءة والبكالوريا والثقافة والتوجيهية حتى استقر الثانوية العامة بعد ثورة يوليو
ورغم هذه التغيرات ظلت الثانوية اهم الشهادات والمحك الرئيسي لجدية الدولة فى رعاية نظام تعليمى كفء وعادل
وفى سنة ١٩٥٩، أشيع أن امتحان الكيمياء قد تسرب فى بعض المناطق، فلما تيقنت الدولة من ذلك. فإنها قد قررت إعادة الامتحان كله لقسمى الأدبى والعلمى وفى جميع المواد

وبعد حرب ١٩٦٧. ولما اذاعت اسرائيل فى إذاعتها العربية بعض الامتحانات. فإن الدولة قد اعادت الامتحان فى تلك المواد بعد أن ضمنت سريته

واليوم فإننا لا نلاحظ امتحانا.. ولا شبه امتحان.. ولا أى شئ يمت للامتحان بصلة
- نظام جديد بابل شيت واختيار من متعدد وتصحيح أليكترونى لم يتدرب عليه الطلاب ولا المعلمين ولم يكن أساس التدريس فى العام الدراسى
- مدارس للمحظوظين فى مختلف انحاء البلاد يتجاوز مجموع طلابها جميعا التسعين فى المائة
- مناطق تسرب إليها الامتحان بالطرق الأليكترونية
- شهادة بعد الطلاب وأولياء الأمور بأنهم استلموا الامتحان والاجابة النموذجية ليلة الامتحان نظير مبالغ مالية
- مايعلن من تفوق بعض الفشلة، وفشل بعض المتفوقين. وتقدم الآلاف من الطلاب وأولياء أمورهم بطلبات اعادة تصحيح أوراقهم..
كل هذا يؤكد مانحياة من كارثة وعبث وضياع لكل القيم التربوية المحترمة
وهذا كله سيعنى أن العام القادم لن يكون لدينا مدارس ولا تعليم ولا طلاب علم.. وإنما باحثين عن النجاح والتفوق بأى وسيلة
.. فإلى مدى تظل الدولة بودن من طين وودن من عجين