الأب رفيق جريش
بعد انتهاء الامتحانات، خاصة امتحانات الثانوية العامة، أظن أنه جاء الوقت لمراجعة دقيقة وجادة من قبل الحكومة ومؤسساتها لمنظومة التعليم، لأن ما جرى فى السنتين الأخيرتين يدل على سوء تقدير وتمييز ما بين النظرية والتطبيق، وما بين المأمول والمتاح حتى لا نقول بين الأحلام وأرض الواقع، فكل نظرية وتجديد يحتاج إلى بيئة مستعدة ومؤهلة لهذا التغيير، بدءًا من المدرسين والطلبة وأبنية المدارس والبنية التحتية المؤهلة لهذه التغيرات.
كان العامان السابقان من أسوأ التجارب التى مرت على طلبة المراحل الثانوية وأولياء أمورهم والمدرسين، وأعتقد وزير التعليم شخصيا، والقائمين على هذه المرحلة فى وزارته، فقد انتقلت إلى نظام التابلت الذى لم يكن الطلبة مؤهلين له ولا شبكة الإنترنت مؤهلة لتحمل كل هذا العدد الكبير من المستخدمين، ثم تم إلغاء التابلت، ثم إلى الـONLINE فإلى امتحانات التجربة، إلى امتحانات التابلت، إلى الرجوع لامتحانات الورق، إلى إلغاء الورق، والاكتفاء بالبابل شيت إلى كتاب التعريفات ودخول الامتحانات بنظام الكتاب المفتوح، وكل يوم قرار جديد يلغى السابق، ولو تسمحون لى فإن هذا الأسلوب من استعمال الطلبة كأداة تجارب عيب، وليس من شيمة دولة تريد أن تتقدم.
أعرف أن المتحدث الرسمى للوزارة والوزير نفسه سيخرج علينا بمائة حجة وحجة، وأولاها حجة جائحة كورونا، لكن التغييرات الحادة والمتضاربة لا تقبل أى حجج فى بلد له خبراء كثُر محليون ودوليون فى مجال التعليم، وفى دولة تريد أن تتقدم، وتكون لها مكانتها المحلية والدولية بين الأمم، ومكانتها هذه لن تأتى إلا باحترام دول العالم لنظم تعليمنا ونتائج خريجيها، وعلينا أن نعترف بأن المبدعين والمخترعين والناجحين المصريين فى مصر أو دول العالم نجاحهم بسبب تعبهم الشخصى فقط لا غير، وليس نتاج عمل مؤسسة التعليم، هذا واقعنا الذى يجب أن نغيره.
التعليم هو العصب الأساسى لأى تغيير وتقدم لبلادنا التى تأخرت كثيرا عن الركب العالمى فى هذا المجال، فأى تطور فى مجالات أخرى لن يفيد إذا كانت القيادات المستقبلية لبلادنا لم تتأهل أثناء دراستها تأهيلا علميا وجيدا، بل سيذهب وستذهب كل المليارات هباء أمام سيطرة نصف جهل قادة المستقبل، فلنتدارك الأمر قبل أن يدهمنا قطار المستقبل.
نقلا عن المصرى اليوم