حبيبة محمدي
ما يميّزُ الشعب المصرى العزيز - الذى كان لى شرف العيش بينه حوالى عقدين من الزمن - أنَّه النسيجُ الواحدُ حقًا وواقع معيش، لا تكادُ تشعر بالفرق بين مسيحى ومسلم فى التعاملات اليومية وفى شتى المجالات.. فهم يُمثلون فعليًا البُنيان الذى يشدُّ بعضُه بعضًا.. كنيسةٌ بجانب مسجدٍ.. الصليبُ مع الهلال، وفى رباطٍ مقدسٍ إلى يوم الدين!.
وتراهم جنبا إلى جنب فى السرّاء والضراء..
الأحد الماضى، حدثتْ مأساةٌ إنسانية بكلِّ المعانى، إثر نشوبِ حريقٍ فى كنيسة «أبوسيفين» فى إمبابة بالجيزة، أدى إلى وفاة عدد كبير من المصريين وإصابة آخرين.. وبهذا المصاب الجللّ أتقدم ببالغ عبارات الأسى والحزن لأهالى المتوفين والدعوات بالشفاء العاجل لكلِّ المصابين إن شاء الله، بل خالص التعازى وأصدق المواساة لكلِّ الشعب المصرى الشقيق.
حسب دراسةٍ لباحثةٍ أمريكية، خبيرة فى الجينات تُدعى «مارجريت كاندل»، حيث قامت بتجربةٍ، وهى اختبار نقاء جينات لثلاثة شعوب، الشعب الآرى واليهودى والشعب المصرى، بوصفه صاحب حضارة واحدة؛ اكتشفتْ عدم نقاء وتطابق فى الشعبيْن الأوّل والثانى، أما الشعب المصرى، فهناك تطابق جينيّ تزيد نسبته على ٩٧٪ من عيّنات الشعب المصرى باختلاف بُقعه الجغرافية، من النوبة إلى بحرى وقبلى وكلِّ الجهات الأربع، ومن النجوع والكفور ومختلف المدن والقرى وجميع أنحاء مصر، وأيضا من المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء، كانت النتيجة أنّهم من جيناتٍ واحدة بمعدل يقترب من المائة.
إذًا شعبٌ واحد جينيًا، بيولوجيًا، تاريخيًا، وجغرافيًا، لذلك أمرٌ جوهرى هو النسيج الواحد، وهو فى كلِّ السياقات موحد، من السياق التاريخى والحضارى إلى سياق جينى بيولوجى.
إنَّ قلوبَ الأمهات والأهالى التى انفطرتْ على ضحاياهم قد آلمتْ قلوبَنا أيضا.. قلوبَ المصريين وشعوب الوطن العربى كله، بل الإنسانية جميعا.
ذلك لأنَّنا أمةٌ واحدة.. نشاطر الأحزانَ مثلما نشارك فى الأفراح.
حفظ اللهُ مصرَ وشعبها العزيز.. وتغمد الضحايا برحمته الواسعة وتقبّلهم مع الشهداء والصدّيقين إن شاء الله.
بسم الله الرحمن الرحيم:
((وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذلكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ)).
صدق الله العظيم.
هذه هى بعضٌ من مكانة المسيحيين فى الدين الإسلامى.. ويبقى الدينُ لله دائمًا.
وبالتأكيد هناك مَنْ هم أقدر منّى على الحديث فى هذا الموضوع والكتابة عنه أو تحليله.. لكننّى أردتُ من خلال كلماتى هذه تقديم واجب العزاء، كواجبٍ أخلاقى إنسانى!.
وإنَّ قلبى فى الكنيسةِ والله!.
نقلا عن المصرى اليوم