فتحية الدخاخني
آلمنا جميعًا الحريق الذى شبَّ بكنيسة «أبوسيفين» بإمبابة، والذى راح ضحيته 41 شخصًا، بينهم أطفال، وفطرت قلوبنا مشاهد العزاء وصرخات ونحيب أقارب الضحايا، ودموع الأم التى فقدت أطفالها الثلاثة، ووسط كل هذه المشاهد المؤلمة كان السؤال المُلِحّ، الذى أثاره زميلى، ميلاد حنا، فى مقال له على صفحات «المصرى اليوم»، وهو كيف توجد كنيسة فى مبنى سكنى، ولماذا لا توجد عوامل حماية، وهل لو كانت الكنيسة فى مكان أوسع لتمكنّا من إنقاذ الضحايا، ولمَا عانينا هذا الألم؟.
أجاب «ميلاد» عن هذه الأسئلة بتأكيد أن الكنيسة فعلًا كانت مبنى سكنيًّا، مستعرضًا ما سماه «ميراث القهر»، والتاريخ الطويل من معاناة المسيحيين مع بناء دُور العبادة الخاصة بهم، ولست هنا لأُعيد استعراض هذا التاريخ، بل لأشير إلى سؤال آخر يطرح نفسه بقوة بعد حريق «أبوسيفين»، وهو: هل دُور العبادة فى مصر، مساجد وكنائس ومعابد، مزودة بعوامل الحماية من المخاطر، بما فى ذلك الحريق والماس الكهربائى، الذى يُعتبر البطل الرئيسى فى كثير من الحوادث؟.
ليس غائبًا على أحد كم دُور العبادة الموجودة فى أماكن مكتظة سكنيًّا، وفى شوارع ضيقة، تجعل مهمة إنقاذها من الحرائق والكوارث صعبة، كما حدث فى «أبوسيفين»، ناهيك عن كم المساجد الموجودة أسفل عمارات سكنية، فعلى مدار سنوات مضت كانت هذه هى واحدة من الطرق الرئيسية للتحايل على قانون البناء، والإعفاء من الضرائب، وتوصيل المرافق من مياه وكهرباء وصرف مجانًا للمبانى، بدعوى أنها للمسجد، الذى كثيرًا ما أُقيم على أراضٍ زراعية، وبُنيت فوقه عدة أدوار سكنية، دون مراعاة أى تدابير تتعلق بشروط إنشاء دُور العبادة.
يثير حريق الكنيسة تساؤلات متعددة، وينذر بخطورة وجود دُور العبادة بشكل عام، مساجد وكنائس، فى أماكن مكتظة سكنيًّا، فى ظل غياب عوامل الأمان المطلوبة فى أماكن التجمعات، من تعدد المداخل والمخارج، ونظم التأمين والإنذار ضد الحرائق.
البابا تواضروس، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، تحدث، فى تصريحات تليفزيونية عقب الحادث، عن أن «هناك أماكن صلاة صغيرة مقارنةً بعدد الأقباط فى المنطقة، والكنيسة التى شهدت الحريق لم تتجاوز مساحتها 120 مترًا»، مطالبًا «الأجهزة المسؤولة بالانتباه للأمر إما بالتوسعة وإما النقل إلى مكان أوسع»، يأتى هذا بعد يوم من تصريحات للدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى، قالت فيها إن «الدولة بصدد مراجعة أوضاع الكنائس القديمة، والأمر لا يرتبط بالتقنين فقط، بل يمتد إلى إغلاق الكنائس، واستبدال تلك الموجودة فى أماكن مكتظة»، مشيرة إلى أنه «يتم حاليًا عمل رصد ميدانى للكنائس».
وهنا أتمنى أن يشمل هذا الرصد كل دُور العبادة، بما فيها المساجد، خاصة تلك الموجودة أسفل مبانٍ سكنية، لأن الخطر واحد، وهى مسألة لا بد أن تؤخذ فى الاعتبار، فى ظل المشروعات الحكومية، التى تتم حاليًا لإعادة تخطيط وتطوير المدن.
نقلا عن المصرى اليوم