قرأتُ منذ فترة عن شابة تبلغ من العمر 27 عاماً، قام الأطباء باستبدال جزء مفقود من لسانها بعضلة من ساقها. وكانت شارلوت ويبستر سالتر، عانت من سرطان الخلايا الحرشفية الذي اكتشفه الأطباء في فمها، ما اضطرهم لقطع الجزء المصاب من اللسان بهذا النوع من سرطانات الفم.
القصة هنا ليست فقط غرابة العملية التي خضعت لها الصبية، بل النهاية التي أوصلتها إلى هذه العملية بعدما عانت شارلوت للإصابة بتقرحات الفم المتكررة لفترة قبل أن يكتشف الأخصائي أنها مصابة بورم سرطاني يُسمى "سرطان الخلايا الخرشفية".
وظلت شارلوت ترفض إيلاء هذه التقرحات أية أهمية، في اعتقاد منها أنها ناجمة فقط عن التعب والضغط، أو الإسراف في تناول الكحول والأطعمة الغنية بالتوابل. لكن الخزعة التي أخذها الطبيب المختص كشفت عن الإصابة بهذا النوع من سرطانات الفم، ليتم بعدها إجراء عملية لمدة 9 ساعات ونصف لقطع الجزء المصاب من لسانها واستبداله ببعض عضلات فخذها.
الالم في الفم من اعراض الاصابة بسرطان الفم
ولما لم يكن الأطباء متأكدين من انتشار السرطان أم لا، عمدوا لإزالة العقدة الليمفاوية من عنقها لفحصها، وتم تزويد شارلوت بفتحة في القصبة الهوائية لمساعدتها على التنفس. لتحتاج الصبية بعدها لإجراء عملية جراحية أخرى لمدة 4 ساعات بعد أن فقد لسانها الجديد إمداد الدم، ليتم إزالة ثقب القصبة الهوائية بعد أسبوعين، وبعد 10 أيام من الجراحة، تمكنت من نطق كلماتها الأولى. كما احتاجت للخضوع للعلاج الطبيعي بغية تعلم الكلام وتناول الطعام من جديد.
أردتُ البدء بهذه القصة، لتسليط الضوء على سرطان الفم الذي قد يهمله الكثيرون كما فعلت شارلوت، كونه يبدأ على شكل تقرحات تظهر من حين لآخر. لكن عواقبه قد تكون وخيمة كما حدث مع الصبية التي نجحت بفضل الله والأطباء، في استعادة حياتها من جديد.
لذا وانطلاقاً من سعينا لتوفير النصيحة الطبية لك عزيزتي ولجميع قراء موقع "هي"، اخترنا الحديث اليوم عن أسباب وأعراض سرطان الفم وطرق علاجه والوقاية منه.
أسباب وأعراض سرطان الفم
بحسب موقع "مايو كلينك"، فإن سرطان الفم يشير إلى السرطان الذي يتكون في أي جزء من الأجزاء المكونة للفم (جوف الفم). وقد يظهر سرطان الفم على الشفتين، اللثة، اللسان، بطانة الخد الداخلية، سقف الفم أو قاع الفم (أسفل اللسان).
وغالباً ما يُدعى السرطان الذي يظهر داخل الفم، بسرطان الفم أو سرطان جوف الفم. وسرطان الفم هو واحد من عدة أنواع من السرطانات التي تأتي ضمن فئة تُسمى سرطانات الرأس والرقبة، وبالتالي يتم علاج كل هذه السرطانات بالطرق ذاتها.
تتشكل سرطانات الفم عندما تتطور الخلايا على الشفاه، أو في الفم (طفرات) في حمضها النووي. ويحتوي الحمض النووي للخلية على الإرشادات التي تُخبر الخلية بما يجب فعله. وتقوم التغييرات التي تُسببها الطفرات، بإخبار الخلايا للإستمرار في النمو والإنقسام عندما تموت الخلايا السليمة. وقد تُشكل خلايا سرطان الفم غير الطبيعية المتراكمة ورمًا. ومع مرور الوقت، قد تنتشر داخل الفم ومناطق أخرى من الرأس والرقبة، أو أجزاء أخرى من الجسم.
وضع واقي الشمس فوق الشفاه يحمي من سرطان الفم
تبدأ سرطانات الفم عادة في الخلايا الرفيعة المُسطحة (الخلايا الحرشفية) التي تبطن الشفتين وداخل الفم. ومعظم سرطانات الفم هي سرطان الخلايا الحرشفية كما كان الحال مع شارلوت. ويبقى سبب الطفرات في الخلايا الحرشفية التي تؤدي للإصابة بسرطان الفم، غير واضح، إلا أن الأطباء حددوا العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الفم.
وهذه العوامل هي التالية:
استخدام أي نوع من التبغ، بما في ذلك السجائر، السيجار، الغليون، ومضغ التبغ، وغير ذلك.
تناول الكحول بكثرة.
تعريض الشفتين لأشعة الشمس بشكل زائد.
فيروس الورم الحليمي البشري الذي ينتقل عبر الإتصال الجنسي.
ضعف الجهاز المناعي للجسم.
أما أعراض الإصابة بسرطان الفم، فيمكن تلخصيها بالآتي:
تقرحات لا تلتئم في الشفاه أو داخل الفم.
بقع بيضاء أو حمراء في الجزء الداخلي من الفم.
تخلخل الأسنان.
النمو أو التكتل في الفم.
ألم في الفم.
آلام في الأذن.
صعوبة أو ألم عند البلع.
ويُوصى باستشارة الطبيب أو طبيب الأسنان في حال ظهور أعراض مستمرة ومزعجة لأكثر من أسبوعين، والذي سيقوم بتحديد الأسباب الأخرى وراء هذه العلامات مثل العدوى.
هل يمكن الوقاية من سرطان الفم
يؤكد الموقع المختص "مايو كلينك" عدم وجود طريقة أكيدة للوقاية من سرطان الفم. لكن يمكن دوماً تقليل هذا الخطر باتباع النصائح الآتية:
التوقف عن التدخين وكافة أنواع التبغ الأخرى مثل الشيشة وغيرها.
تجنب التعرض الزائد لأشعة الشمس، واستخدام واقي من الشمس ليس فقط على الوجه وإنما أيضاً على الشفتين.
إرتداء قبعات عريضة الحواف عند التعرض للشمس.
مراجعة طبيب الأسنان بانتظام، والطلب منه فحص الفم بالكامل للبحث عن أية مظاهر غير طبيعية قد تُنبأ بالإصابة بسرطان الفم، أو حتى تغييرات تحدث قبل الإصابة بهذا المرض.
طرق علاج سرطان الفم
بالإعتماد على مرحلة السرطان وموضعه وصحة المريضة بشكل عام، يتم وصف علاج سرطان الفم، بحيث يمكن أن يحتاج البعض لنوع واحد فقط من العلاج، فيما غيرها بحاجة لعدة أنواع من علاجات سرطان الفم.
وتشمل خيارات العلاج، العلاج الكيميائي، العلاج الإشعاعي، العلاج المناعي والجراحة.