بقلم : عماد الدين اديب

هناك مشروع شرير يجري الإعداد له منذ فترة لتحميل الرئيس المصري عبدالفتّاح السيسي فاتورة ومسؤولية الأزمة الاقتصادية الضاغطة التي تسبّبت بها الحرب الروسية-الأوكرانية.

من أكبر ضحايا هذه الحرب مصر لأنّها بين ليلة وضحاها وجدت أنّ موازنة إنفاقها زادت ما بين 35 ملياراً إلى 45 مليار دولار لتغطية ارتفاع أسعار الطاقة والقمح والحبوب والأسمدة.
 
يهدف هذا المشروع الشرير إلى إسقاط نظام 30 حزيران 2013 الذي وضع المؤسسة العسكرية المصرية الوطنية العظيمة في موقع مسؤولية الإنقاذ الشامل لمشروع الدولة الوطنية ومنعها من الانهيار والتفكّك.
 
تسلّم الرئيس السيسي البلاد والعباد في حالة إنهيار، ومن هنا كان لا بدّ من "الإمساك القوي" بكلّ مفاصل البلد، وكان لا بدّ لـ"اليد الثقيلة" من التشدّد الأمني لمواجهة عصابات الإرهاب التكفيري ووجود 14 مليون قطعة سلاح مهرّبة وقواعد تنظيم الإخوان.
 
لن يغفر الإخوان وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي والأميركيون للمؤسّسة العسكرية المصرية العظيمة لأنّها قامت بالانحياز إلى ثورة الشعب المصري الشجاعة في 30 حزيران من دون التنسيق أو الترتيب معهم.
 
ما زالت مشاعر الثأر لدى هؤلاء موجودة وتنتظر لحظة تصفية الحساب.
 
تحمّل الرئيس السيسي مسؤولية الرئاسة وهو يدرك أنّ فاتورة الإنقاذ والإصلاح مُكلفة وصعبة للغاية، وأنّ الإرث الذي خلّفه كانون الثاني 2011 وحكم الإخوان تنوء عن حمله الجبال، وقرّر أن يتّخذ القرارات الجذرية الصعبة حتى لو لم تكن شعبوية مطلقاً أو كانت على حساب رصيده الشعبي الجارف بعد ثورة 30 حزيران 2013.
 
إنّ مشروع كيفيّة إسقاط المؤسسة العسكرية الوطنية بقيادة الرئيس السيسي هو "مشروع يُتداول بين أجهزة عدّة دول إقليمية ودولية".
 
وفي كلّ مرّة كانت التقارير الواردة إليهم تؤكّد أنّ قوّة السيسي والجيش تنبع من شعبيّتهما لدى الجماهير المصرية.
 
من هنا كان لا بدّ من البحث عن أيّ عناصر حقيقية أو مزوّرة، من صنع الأحداث أو مختلقة من خيال هؤلاء، لإضعاف هذه الشعبية وتفتيت هذا التماسك.
 
فشلت كلّ الوسائل (إرهاب، تفجير، شائعات، تمويل خارجي)، ولم يبقَ سوى اللعب على وتر غلاء الأسعار واستحالة تحمّل تكاليف الحياة.
 
أوّل المهمومين وأكثر المتضرّرين من هذا الأمر هو الرئيس المصري نفسه لأنّه صارع في الأعوام الثلاثة الماضية آثار تكاليف ظواهر وحوادث ليس مسؤولاً عنها من قريب أو بعيد، بدءاً من فاتورة الرعاية الصحيّة، مقاومة فيروس كورونا، وصولاً إلى فاتورة آثار ارتفاع الطاقة والقمح بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية.
 
يُدرك الجميع أنّ العالم الذي فَقَد ما بين 50 إلى 55 تريليون دولار بسبب الكورونا والحرب سوف يواجه أزمة كونية اقتصادية غير مسبوقة منذ الكساد العظيم في عام 1929-1932.
 
هنا وهنا فقط يبدأ استخدام "المشروع الشرّير" لتحميل المسؤولية كاملة بشكل ظالم لشخص الرئيس المصري.
 
لا ينسى الأميركيون أنّ الرئيس المصري وقف أمام محاولة الاختراق الأميركي في كانون الثاني 2011 وهو رئيس الاستخبارات  الحربية المصرية.
 
ولن ينسوا ما اعتبروه تجاوزاً للخطّ الأحمر، فقد أنهى حكم الإخوان المسلمين ودعم ثورة 2013 من دون استشارة مسبقة أو تنسيق على أيّ مستوى معهم.
 
ولن ينسى الإخوان (التنظيم الدولي) أنّ الجيش المصري بقيادة السيسي وجّه أكبر ضربة لتنظيم الإخوان منذ عام 1929.
 
ولن ينسى الحزب الديمقراطي الأميركي راعي جماعات المجتمع المدني في العالم الثالث "الضربات القويّة" التي تمّ توجيهها لهذه المنظمات في مصر، وهي منظّمات حظيت برعاية وتمويل وتدريب أميركي-أوروبي.
 
كلّ هذه القوى هي كتلة لا تريد أن ترى مصر القويّة، ولا تسعى إلى الاعتراف بنجاح مشروع الرئيس السيسي للإصلاح.
 
لكنّها في الوقت ذاته تخشى الانهيار الكامل للنظام في مصر.
 
هي بالضبط لا تريد أن تعاني مخاطر تفكّك مصر لأنّ في ذلك خطراً شديداً عليها.
 
إنّهم يريدون "مصر المقيّدة"، و"مصر المقيّدة" وفق مفهومهم هي مصر التي تعيش على سطح بركان، لكن ليس داخله حتى يكون قرارها السيادي ودورها الإقليمي "مرهونين بالعوز الاقتصادي والحاجة الماليّة".
 
وعلى الرغم من أنّ هذا خطر عظيم، إلا أنّه، في رأيي المتواضع، ليس هو الخطر الأعظم الذي يواجه مصر، دولةً وشعباً ورئيساً الآن.
 
هدف "المشروع الشرير" هو إسقاط عمود الخيمة الذي يعتمد عليه نظام ثورة 30 حزيران 2013، وهو حكم الرئيس السيسي، ومحاولة إلحاق مسؤوليّات الإرث السابق كلّه وفاتورتَيْ كورونا والحرب الروسية- الأوكرانية بالنظام الحالي.
 
يعتمد هذا المشروع على ثلاثة عناصر: صعوبة تكاليف الحياة، فشل التسويق السياسي والإنجازات، ارتفاع فاتورة تكاليف الأزمة التي لا قِبَل لأيّ رئيس أو أيّ نظام تدبير تكاليفها بين ليلة وضحاها.
 
أهمّ عنصر أتخوّف منه شخصيّاً هو القدرة على التصدّي لأزمة كونيّة خطيرة وثقيلة وطارئة بنفس العقليات وفريق المساعدين السابق.
 
إنّ أزمة شديدة وصعبة تحتاج إلى فريق جديد من المساعدين المناسبين للتصدّي لها.
 
لا ننزع الوطنية أو الكفاءة من أحد، لكن نقول إنّه حان وقت التغيير الشامل بهدف الإصلاح الإنقاذي.
 
قد يتآمر البعض في الخارج على نظام الحكم في مصر، هذا حدث ويحدث منذ عهد مصر الفرعونية حتى الآن.
 
ولكن في كلّ مرّة لا يهمّ قوّة من يتآمر، بل كيفيّة مواجهة هذا التآمر من قبل النظام في مصر.
 
في كلّ مرّة ينتصر الشعب المصري العظيم بدعم من قوّاته المسلّحة الوطنية التي تنحاز إليه.
هذه المرّة الأزمة الكونية، والضغط عظيم، والمنطقة ملتهبة، والتوازن الاستراتيجي في العالم مختلّ ويتجه  إلى تشكيل جديد.
 
في ظلّ هذا كلّه هناك تحرّكات للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان بتفاهم مع بعض العواصم، أهمّها لندن وواشنطن، من أجل استثمار عناصر الأزمة الاقتصادية الدولية وآثارها على مصر، لخلق حالة عدم استقرار ضاغطة تبدأ في الشهور المقبلة وتتصاعد تدريجاً حتى موعد الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة.
 
عناصر هذه الخطة:
1- تجاهل آثار فاتورتَيْ كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية على مصر وتحميل سياسات الرئيس، ظلماً، المسؤوليّة كاملة.
2- الزعم، كذباً، أنّ عدم اختيار الحكم لأولويّات الإنفاق هو سبب الأزمة، وهنا سوف نسمع بكثرة ليل نهار تسويق فكرة: لماذا قناة السويس؟ ولماذا العاصمة الجديدة؟ ولماذا مشروعات العلمين والجلالة؟ ثمّ يتمّ ترديد عبارة: "ألم يكن من الأفضل بدلاً من هذا الإنفاق و"الهدر" تحسين أحوال الشعب بشكل مباشر".
 
يتجاهل هذا المنطق تحسين أحوال المصريين مثل أيّ شعب يجب أن يخلق وظائف جديدة (نصف مليون يحتاجون إلى من يدخلهم سوق العمل سنويّاً)، والاستثمارات تحتاج إلى بنية تحتية وكهرباء ومياه وصرف صحيّ وطاقة وطرق وكباري وأنفاق. هذه الادّعاءات سوف تتجاهل دخول 5 ملايين من العمّال الموسميين سوق العمل، وهذه الادّعاءات سوف تتجاهل إسكان العشوائيات ومشروع حياة كريمة، ومضاعفة دعم بطاقات التموين (62 مليون بطاقة)، وسوف تتجاهل علاج الكبد الوبائي.
 
1- سوف يُعاد فتح أصوات رابعة مرّة أخرى، وهناك جهد سرّي يجري الإعداد له لطرح الموضوع أمام المحكمة الجنائية الدولية.
2- سوف تتمّ إعادة تسخين الأوضاع عبر جماعات الإرهاب التكفيري في سيناء.
3- هناك خطة لإفساد العلاقة الصحّية الممتازة بين الرئيس وأقباط مصر تحت دعوى عدم توفير الحماية اللازمة لدور العبادة القبطية.
4- يجري الآن الإعداد لإعادة تأهيل قادة أكثر تطوّراً لقيادة جماعة الإخوان المصرية في الخارج، بحيث تكون أكثر شبهاً بحزب إردوغان الحاكم، أي حزب سياسي متطوّر يكون له قبول بالمقاييس العصرية.
 
سيكون توقيت تحريك هذا المشروع بدءاً من كانون الثاني المقبل حتى مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
 
1- محاولة إعادة تسخين حقوق مفاعل سيناء لسد مطروح، أمازيج الوادي الجديد، ثوبة أسوان.
 
يشكّل كلّ ذلك محاولات لاستغلال الأزمة الاقتصادية الكونية التي تلقي بظلالها.
 
بالتأكيد تحتاج هذه الأخطار إلى تعامل مضادّ مفيد يعيق هذه الخطط الشريرة التي تستهدف الدولة الوطنية التي تمّ إنقاذها في 30 حزيران بثورة شعبية حقيقية حماها الجيش بالتعاون مع الأمن الوطني والمخابرات العامّة والمخابرات الحربية والمحكمة الدستورية العليا.
 
إذاً نحن أمام خطر حالي يُراد له أن يزداد.
 
تحتاج هذه اللعبة إلى فريق مؤهّل للتعامل معها بقوّة وصدق وأمانة وكفاءة احترافية وتفكير إبداعي.
 
التفكير الإبداعي يعني التفكير والتنفيذ خارج الصندوق بجرأة وشجاعة.
 
يقول بروفيسور دي بونو رائد التفكير الإبداعي محذّراً: إيّاك أن تفكّر بشكل تقليدي في حلّ مشاكل طارئة غير تقليدية.
 
الهدف النهائي من المشروع هو محاولة تحميل المؤسسة العسكرية المصرية بزعامة الرئيس السيسي مسؤولية صعوبة استحالة الحياة، بحيث تكون هذه الادّعاءات المزوّرة هي مادّة الجدل والنقاش قبل الانتخابات الرئاسية بهدف إضعاف شعبية الرئيس السيسي في صندوق الانتخابات إذا ما أقدم على ترشيح نفسه في الدورة الرئاسية المقبلة.
 
 لقد تبيّن للخارج والتنظيم الدولي للإخوان أنّ الرئيس الذي جاء من منطلق شعبي جارف لا يمكن إبعاده عن السلطة إلا عن طريق إثارة النقمة والغضب حوله، ولا سيّما بعدما فشلت محاولات عزله عالميّاً أو اغتياله معنوياً أو جسدياً.
 
لا يستخدم هذا المشروع النخبة المثقّفة مثلما حدث في كانون الثاني، أو الطبقات الوسطى أو الشعبية مثلما حدث في 30 حزيران، لكن سيكون التركيز على العامّة والفقراء المهمّشين والمتأثّرين بصعوبات وتكاليف الحياة.
 
يهدف المشروع إلى خلق حالة غضب جماهيري يؤدّي إلى فوضى في الشوارع تجعل الأجهزة المسؤولة عن الأمن (الجيش – الأمن الداخلي) في موقف فيه صراع بين منع الفوضى والمواجهة الصعبة والمباشرة مع الجماهير، وهو موقف طالما لم تُقدم عليه قوات الجيش أو الشرطة لانحيازها الدائم إلى الشعب المصري.
 
لذلك نكرّر للمرّة المليون أنّ مادّة ووقود و"بنزين" مشروع الفوضى المقبلة هي الأزمة الاقتصادية.
 
من هنا يصبح أساسياً وحيوياً إيجاد حلول تقليدية وسريعة ومؤثّرة لمنع اشتعال فتيل الغضب وإقناع الجماهير بأنّ ما تعانيه مصر الآن ليس بسبب أخطاء في القرارات العليا، بل بسبب تأثير عناصر استثنائية مثل كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية بدليل أنّ التقارير الدولية عن أداء الاقتصاد المصري قبل كورونا والحرب كانت شديدة الإيجابية وأوصت برفع التصنيف الائتماني لمصر عدّة مرات.
 
أكثر ما تحتاج إليه مرحلة إدارة الأزمة الحالية هو وجود فريق عمل يكون على مستوى التحدّيات. وأقصد بذلك رجالاً يؤمنون بالمصلحة العامّة ويؤمنون برؤية الرئيس السيسي ويكونون سنداً له لا عبئاً عليه.
 
المطلوب هو رجال شركاء في تحمّل حجم التحدّي وليس مجموعة من كبار الموظّفين.
 
إنّ من يطّلع على بعض تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا مع بعض كبار المسؤولين السابقين عقب ثورة كانون الثاني سوف يجد عبارات معيّنة كثيراً ما تكرّرت حينما يجيب المستجوَبون على سؤال السيّد المحقّق: ما قولك في ما هو منسوب إليك؟ تأتي الإجابة: "لست مسؤولاً عن أيّ من هذه القرارات، أنا كنت فقط أنفّذ الأوامر الصادرة إليَّ من الرئاسة".
 
هنا قد يسأل سائل: أليست هذه هي طبيعة الأمور دائماً منذ عقود طويلة؟
الردّ بسيط وصريح وواضح: "حجم التحدّي الاقتصادي كونيّاً، والضغط الماليّ محليّاً، والتوتّر الكامل على الحدود (غزّة، السودان، ليبيا)، والفراغ الاستراتيجي الأميركي المرتبك، تجعلنا بحاجة إلى فريق سوبر في الأداء على مستوى رؤية وأداء الرئيس، حتى يتعامل مع "السوبر أزمة" التي بدأت بالتكوّن منذ الحرب الروسية – الأوكرانية".
 
إنّني أطرح بصوت عالٍ ثلاثة أسئلة على عقل وضمير مَن هو مهموم بشؤون حاضر ومستقبل مصر.
1- هل ما هو آتٍ هو أزمة عاديّة شبيهة بما سبق؟ أم هي عاصفة تسونامي اقتصادية غير مسؤولين عن صناعتها، لكن علينا مسؤولية مواجهتها؟
2- هل لدينا أفكار إبداعية غير تقليدية لمواجهتها؟
3- هل لدينا فرق العمل لتسكين الأزمة والتعامل معها بما يجب.
 
إذا كانت الإجابة على الأسئلة الثلاثة إيجابية وأنّ "كلّه تمام وتحت السيطرة"، فلا داعي لأن نهتمّ إطلاقاً بما أنا قلق منه، وسأكون أسعد الناس بهذه النتيجة.
 
أمّا إذا كانت الإجابة تؤكّد أنّ الأزمة كبيرة وأكبر من الحلول، وأنّنا بحاجة إلى فريق مناسب لحجم الأزمة من كلّ مفاصل الدولة، فنحن بحاجة إلى تغيير فخم وعظيم يعتمد مبدأ الكفاءة المطلوبة والقدرة على تحمّل المسؤولية الضخمة.
 
بالتأكيد في فريق الرئيس الحالي قوى مخلصة ذات كفاءة عملت معه بتفانٍ ووصلت الليل بالنهار، لكنّ حجم الأزمة الحالية قد يكون أكبر منها، وتكون قدرتها على الحلول محدودة، وتكون قدرتها على الفكر والإبداع قد تجاوزها الزمن وأنهى عمرها الافتراضي.
 
إنّ الموقف شبيه بمدير فريق كرة قدم في المنتخب الوطني اعتاد أن يفوز بلاعبيه أمام فرق أخرى عاديّة أو متوسّطة المستوى، ثمّ ساعدته "قرعة القدر" أن يلعب أمام فريق مثل البرازيل أو الأرجنتين أو ألمانيا بعد زمن قصير وضاغط. هنا يطرح مدير الفريق على نفسه سؤالاً حتمياً ومنطقياً: هل يمكن إحراز أيّ نتائج إيجابية وتجنّب هزيمة ساحقة باللاعبين الذين يديرهم أم أنا محتاج إلى خطة جديدة تستبعد من لا يناسب مستوى الفريق الخصم وأستعين بلاعبين جدد يعطوننا دماء جديدة في مواجهة تهديدات الفرق الخطرة التي ستواجهنا؟
 
ببساطة نحن بحاجة إلى مراجعة:
1- الخطط.
2- الوسائل والحلول.
3- الإبقاء على من يصلح والاستغناء الكريم عمّن لا يصلح.
 
القصة بأبسط قدر من الطروحات هي: هل يصلح أن يكون تشكيل فريق كرة القدم الذي نلعب به، فريق الأسد المرعب، هو ذاته حينما نلاعب برشلونة أو ريال مدريد؟
 
لكلّ أزمة رجالها، والرئيس وحده هو الذي يعرف درجات الكفاءة والقدرات الحقيقية للمساعدين.
 
قرارات الرئيس في التسعين يوماً الأخيرة تؤكّد ذلك:
1- البحث عن استثمارات يقوم بها الأشقّاء العرب.
2- البحث عن بدائل لواردات القمح الروسي والأوكراني.
3- التحرّك على المستوى الخليجي.
4- إطلاق مبادرة الحوار الوطني.
5- مراجعة السياسات النقدية.
6- التعديل الحكومي الأخير.
7- التعديل في قيادة البنك المركزي.
 
سوف تشهد البلاد تغييرات أخرى مقبلة يقودها الرئيس، تستهدف أوّلاً مواجهة الهجوم، وثانياً استكمال رؤيته ومشروعه للجمهورية الجديدة.
كتب العلّامة الدكتور جمال حمدان (عام 1967- الطبعة الأولى) في مؤلّفه العبقري "شخصية مصر" عن عبقرية الموقع والمكان التي تخلق حالة من التجانس الطبيعي الذي يحقّق التجانس السياسي للمواطنين على أرض مصر.
 
أزمة اليوم أنّ الإرث التاريخي لسوء إدارة ملف الاقتصاد منذ 1952 أدّى إلى حالة من عدم التجانس الاقتصادي الذي يخلق حكماً وبالضرورة  حالة من عدم الرضاء الطبقي.
 
في دراسة الطبقات الاجتماعية يقول علماء السياسة إنّ الطبقات الأساسية فقيرة ومتوسطة وغنية بشرائحها المختلفة المتعّددة يجب أن تحقّق حدودها الدنيا من الاحتياجات حتى تصل إلى حالة الرضاء على أوضاعها.
 
أزمة هذا الخلل الطبقي ينبّه إليها العلّامة الاقتصادي إبراهيم حلمي عبد الرحمن عقب أحداث تظاهرات الطعام في 1977 حينما قال: "الخلل يكمن في أنّ 5 في المئة من السكّان يستهلكون 95 في المئة من الخدمات والسلع، بينما يعيش 95 في المئة من السكّان على 5 في المئة من السلع والخدمات".
 
هذا كان في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.
 
ظهر هذا الخلل في الغضب الشعبي في كانون الثاني 2011 الذي ارتفعت فيه مطالب فئوية محقّة على الرغم من ارتفاع المؤشّرات العامّة لأداء الاقتصاد الكلّي للبلاد، والسبب كان عدم تلامس هذا التحسّن مع هؤلاء، وخاصة الطبقة الوسطى.
 
الطبقة الوسطى في مصر، كما هو الحال في كلّ المجتمعات، هي "صمام الأمان" الاجتماعي والسياسي، حينما تتضرّر تغضب وحينما ترتاح تدعم الاستقرار.
 
من هنا يصحّ السؤال المطروح الضاغط: هل هذه الحكومة بتشكيلها الحالي وفريق العمل الممسك بالملفّات الكبرى قادران على التصدّي للخطر الحالي والخطر المحتمل؟
 
يرى الرئيس الضوء الأحمر الذي أضاءته الأزمة الكونية على كلّ اقتصادات العالم ويرى فيها إنذاراً مبكراً من خطر آت.
 
أهمّ ما يجب ملاحظته أنّ الرئيس السيسي يُدرك تماماً وبالتفصيل الخطر الآتي من هذا الظرف الطارئ الضاغط، لا يهوّن منه ولا يستسلم له.
 
يُدرك الرئيس أنّ المواجهة تكون بالحشد، والحشد يستدعي الاصطفاف، والاصطفاف يحتاج إلى رجال، والرجال يجب أن تكون فيهم 3 شروط:
 
1- الصدق في الوعد والانتماء.
 
2- النزاهة المطلقة في تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
 
3- أن يكونوا على حجم تحدّيات الخطر الاقتصادي.
نقلا عن موقع أساس ميديا